حملة ضد رئيس الشؤون الدينية التركيا علي أرباش بسبب دعوته إلى حرمة الزنا

شنت منذ أيام نقابتا المحامين في إزمير والعاصمة التركية أنقرة، حملة ضد رئيس الشؤون الدينية علي أرباش، مطالبة إياه بالاستقالة من منصبه وتقديم الاعتذار للشعب التركي، على خلفية حديث له تطرق فيه إلى تحريم "الزنا والشذوذ الجنسي"، مستشهدا بآيات قرآنية حول ذلك.

وردا على هذه الحملة تصدر وسم (#AliErbasYalnizDegildir) ومعناه باللغة العربية (علي أرباش ليس وحده) مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا.

ولقي هذا الأمر ردود قطاعات واسعة في تركيا، بعد أن دخل الرئيس رجب طيب أردوغان على الخط بقوله إن "الهجوم على رئيس الشؤون الدينية هو هجوم على دولتنا".

وكان رئيس الشؤون الدينية أرباش في أول خطبة جمعة من شهر رمضان، قد ذكّر الناس بالأوامر التي فرضها الله على عباده المسلمين، والمحرمات التي أمرهم أن يجتنبوها.

وقال أرباش إن "الزنا من الكبائر وإن المثلية من الأمور المحرمة، والحكمة من ذلك أن هذه الأمور تجلب الأمراض، وتقطع أواصر المجتمع، وهي من أكبر أسباب البلاء والفيروسات.. تعالوا نقاتل معا لحماية الناس من هذا الشر".

هذه الخطبة أزعجت نقابة المحامين التي اعتبرت خطاب أرباش رجعيًّا وقديما من عصور ماضية ويخالف الدستور التركي، ويسلب المثليين حقوقهم!

واصطف حزب الشعب الجمهوري -أكبر أحزاب المعارضة بتركيا- إلى جانب نقابة المحامين، وأكد المتحدث الرسمي باسم الحزب فايق أوزتراك، دعم حزبه المطلق للنقابة، معتبرًا أن خطاب أرباش يحتوي على لغة الكراهية والعداوة.

أرباش دعا إلى تحريم "الزنا والشذوذ الجنسي" مستشهدا بآيات قرآنية حول ذلك (مواقع التواصل)

وتزامن الهجوم على رئيس الشؤون الدينية مع الانتقادات الموجهة إلى رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، بسبب توزيعه على الأطفال الصغار مجلة تحتوي على صورة تظهر أربعة أشخاص جالسين يمثل كل واحد منهم ديانة، في إشارة إلى التعايش، إلا أن إظهار العلوية كدين من الأديان المشار إليها في الصورة، إلى جانب الإسلام والمسيحية واليهودية، أثار ضجة كبيرة في البلاد.

وفي وقت سابق، هاجمت الفئة نفسها رئاسة الشؤون الدينية بسبب خطبة تحذر من مسابقات اليانصيب.

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قد صرح في سبتمبر/أيلول الماضي بأن واشنطن أرسلت إلى الجمعيات الناشطة في العاصمة التركية للدفاع عن الشذوذ الجنسي والمثليين 22 مليون دولار بحجة دعم الحريات.

غضب واسعوأثار الهجوم على أرباش غضب قطاع واسع من الشعب التركي، فقد أطلق مغردون حملة شعبية تدعم رئيس الشؤون الدينية التركي، شارك فيها آلاف المغردين بينهم مسؤولون بارزون.

وقال أحد المغردين إن "تصريح علي أرباش ليس حكما ذاتيا، إنه واجب الإسلام وهو أمر ضروري جدا"، لافتا إلى أن "ما يقوله أرباش ليس رأي رئيس الشؤون الدينية بل هو حكم القرآن".

وأضاف آخر أن "الشذوذ الجنسي هو خيال مرعب ومثير للاشمئزاز، وهو أيضا محرم في جميع الكتب السماوية"، وزاد "لا أحد يؤمن بالقرآن الكريم وبالله ويقول إنه مسلم، يمكنه أن يقبل الزنا والشذوذ الجنسي".

في المقابل، قال آخر إن "المواطنين أحرار في علاقاتهم الجنسية، خاصة أن القوانين الدولية تكفل لهم تلك الحرية، ومطلوب من حكومتنا أن تكون أكثر حضارية في تعاملها مع مواطنيها"!

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن في تغريدة، إنه "خسر الدنيا والآخرة من يتطاول على أحكام الله تعالى في أرضه وزمانه الذي خلقهما".

ونشر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون تغريدة، قال فيها "إن ديننا الحنيف هو الذي أعطى لكل الكائنات قيمتها وأضاء لنا الطريق في الماضي والحاضر، وقواعده ليست تلك التي يكيّفها ويفسرها على أهوائهم أولئك الذين يهاجمون الأستاذ علي أرباش".

كما أعلن وزير الداخلية سليمان صويلو مساندته لأرباش والوقوف إلى جانبه ضد أي إساءة تطاله.

تركيا القديمة والحديثةوفي هذا الصدد، ذكر الكاتب الصحفي والمدون التركي الشهير إسماعيل ياشا أن "معظم نقابات المحامين وجمعيات حقوق الإنسان غير الحكومية، من أدوات تركيا القديمة، وتسيطر عليها القوى العلمانية المتطرفة التي تحلم بالعودة إلى الأيام التي كانت تفرض فيها وصايتها على إرادة الشعب التركي".

وقال ياشا للجزيرة نت "هؤلاء، على الرغم من أنهم فقدوا نفوذهم إلى حد كبير في تركيا الجديدة، فإنهم ما زالوا يتصرفون بين الفينة والأخرى وكأنهم يعيشون في أيامهم السابقة، وما الهجوم الذي شنوه ضد رئيس الشؤون الدينية إلا ثمرة العقلية الاستعلائية التي شبُّوا عليها ولم يستطيعوا أن يتخلصوا منها".

ولفت إلى أن "المتطرفين في تركيا دأبوا منذ سنين على الإساءة إلى الإسلام والمسلمين في شهر رمضان المبارك ليفسدوا أجواء الشهر الفضيل، وكانوا قديما ينشرون في وسائل إعلامهم تقارير كاذبة عن تعرض مواطنين للضرب بسبب إفطارهم في نهار رمضان، من أجل التحريض ضد المتدينين الصائمين وتشجيع الإفطار في الشوارع أمام الجميع".

وتابع الكاتب ياشا "تركيا اليوم ليست تلك الدولة التي كانت القوى العلمانية المتطرفة تسيطر على كافة مفاصلها وتفرض وصايتها على إرادة الشعب التركي بأدواتها المختلفة، ولذلك فتحت النيابة العامة تحقيقا في حق نقابة المحامين في أنقرة بتهمة الإساءة إلى القيم الدينية، كما رفع رئيس الشؤون الدينية دعوى قضائية ضد النقابة".

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً