تجددت صباح اليوم السبت، جولات القصف الجوي على جانبي خط المراقبة الذي يفصل بين جزئي كشمير الواقعين تحت سيطرة الهند وباكستان، رغم إطلاق الأخيرة، يوم الجمعة، سراح الطيار الهندي الأسير الذي سقطت طائرته في غارة يوم الثلاثاء الماضي التي شنتها 12 طائرة هندية على معسكر لجماعة ”جيش محمد“ المزعوم يقع في جزء من إقليم كشمير الخاضع لسيطرة باكستان.
وقد أثارت الجولة الحالية من المواجهة بين الدولتين النوويتين، وهي المواجهة الأشرس منذ عدة سنوات، مخاوف دولية من تصعيد منفلت، استدعت عروضًا بالوساطة رفضتها الهند ورحبت بها باكستان.
العرض الأول جاء من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما جاء العرض الثاني من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأهليّة رآها البعض غير مستكملة للتوسط في قضية بهذا الثقل الدولي، وتعامل معها البعض الآخر بارتياب من الاستعراض والأهداف.
الهند تحارب بترسانة إسرائيلية
لكن الجديد الملفت في ملف النزاع الطويل بين باكستان والهند، هو اعتراف الأخيرة بأن عدتها القتالية أسلحةٌ في الكثير منها صناعة إسرائيلية؛ وهو ما عمّم انطباعات بأن التعاون بين تل أبيب ونيودلهي، بات الآن جزءًا من لعبة دولية مسرحها إقليم وسط آسيا، ولا تخفي فيها الهند طموحاتها بأن تتعاون مع إسرائيل في ملء فراغ القوة الذي يمكن أن يخلقه الانسحاب الأمريكي المحتمل من أفغانستان.
البيان الهندي عن عملية الثلاثاء الماضي في كشمير، تضمن تفاصيل فنّية عن القنابل الموجهة بنظام سبايس الإسرائيلي التي استخدمتها المقاتلات الهندية في قصفها للمعسكر.
وحسب بيانات موقع ”فايت غلوبل“ العسكري، فإن منظومة ”سبايس1000 “ لتوجيه القنابل، كانت اشترتها الهند من إسرائيل لتتواءم مع مقاتلات رافال، فيما تختص سبايس 50 بخدمة قاذفات تيجاس.
تشكيلات قتالية
وأشار تقرير ”فايت غلوبل“ إلى أن تلك الصفقة من الأسلحة الإسرائيلية للهند، شملت تشكيلات قتالية من منظومة رافال بما فيها صواريخ جو- جو وحلولًا راديوية، بقيمة إجمالية 500 مليون دولار، يستهدف بعضها تحديث الأسلحة والطائرات الروسية من نوع ميغ 21 التي لدى الهند.
واستذكرت تقارير عسكرية متخصصة خلال اليومين الماضيين، أن الهند كانت اشترت من إسرائيل أيضًا 2500 دبابة من طراز T.72. وكانتا وقعتا عام 2016 على صفقة صواريخ مضادة للدبابات بمبلغ 500 مليون دولار، لكن هذه الصفقة ألغتها الهند؛ بسبب تسرّب معلومات عن رشاوى وفساد أحاط بها.
وتشير أرقام معهد السلام النرويجي إلى أن إجمالي مبيعات الأسلحة الإسرائيلية للهند ما بين أعوام 2001 و 2006 بلغت 15 بليون دولار. حتى إذا كان عام 2017، أصبحت الهند أكبر زبون لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، حيث تشتري 49% من إجمالي سوق الأسلحة الإسرائيلية المصدّرة.
لماذ التحالف بين البلدين؟
في محاولة لتفسير العلاقة الخاصة جدًا بين إسرائيل والهند، وتحديدًا في سوق الأسلحة، فإن النظرية الشائعة هي أن البلدين تجمعهما تماثل العقائد السياسية التي تعتنقها الأحزاب الحاكمة. وبرأي الباحثة، شيري مالهورتا، من معهد بروكسل، فإن إسرائيل محكومة للجناح اليميني في الصهيونية، ممثلًا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويقابلها حكم اليمين الهندوسي في نيودلهي ممثلًا برئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وكان مودي زار إسرائيل في يوليو 2017، وأهداه نتنياهو صورة تجمعهما وهما يمشيان حفاة على رمل شواطئ شمال فلسطين المحتلة.
يضاف إلى ذلك كما تقول الباحثة مالهورتا، أن القيادتين الإسرائيلية والهندية يجمعهما العداء المسلّح لما يوصف بأنه إرهاب الجماعات الإسلامية المتطرفة وهي تتنقل عالميًا من الشرق الأوسط إلى أفغانستان إلى كشمير.
لعبة محاور القوة في وسط آسيا
وتشير صحيفة إندبندنت البريطانية، إلى أن إسرائيل استضافت في أكثر من مناسبة، بعثات هندية من المغاوير، جرى تدريبهم على أساليب القتال في مواجهة الميليشيات المسلحة.
وتنقل عن اختصاصيين ذوي صلة بآفاق العلاقة الإسرائيلية الهندية، أن هناك الآن من يدعو لإقامة تحالف أمريكي – إسرائيلي – هندي؛ لملء فراغ القوة الذي سينشأ في أفغانستان بعد سحب القوات الأمريكية، كما أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب. وأن هذا المحور يراد له أن يوازن ويواجه المحور الآخر المضاد الذي يجمع باكستان والصين وروسيا في لعبة الهيمنة على إقليم وسط آسيا.