خلال صلاة الجمعة في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا أمس يوم الجمعة ارتكب الأسترالي برينتون تارانت مذبحة ضد المصلين بدم بارد وعلى أنغام الموسيقى، متذرعا بالانتقام لضحايا هجمات ارتكبها مسلمون ومهاجرون في أوروبا.
بدأ تارانت تصوير جريمته بمنتهى الهدوء من داخل سيارته، مرتديا دروعا واقية وزيا عسكريا وخوذة، قائلا "دعونا نبدأ هذه الحفلة" ثم سحب واحدة من البنادق الآلية وعددا من خزائن الذخيرة، متوجها مباشرة صوب مسجد النور بالمدينة حيث كانت شعائر صلاة الجمعة قد بدأت للتو.
إطلاق النار لم يتوقف تقريبا طوال الفيديو الذي امتد لنحو 15 دقيقة، والذي بثه القاتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أطلق النار على كل من قابله، وطارد الفارين من المسجد، ودخل مصلى السيدات، ليسقط ما لا يقل عن 49 قتيلا، والعديد من الجرحى، بحسب أحدث الإحصائيات.
دوافع الجريمة
وشرح القاتل في بيانه الذي جاء بعنوان "البديل العظيم" أسباب ارتكابه لهذه المذبحة، مشيرا إلى التزايد الكبير لعدد المهاجرين الذين اعتبرهم محتلين وغزاة، كما فسر سبب اختياره لهذا المسجد تحديدا، وهو أن عدد رواده كثيرون.
وقال "إن أرضنا لن تكون يوما للمهاجرين. وهذا الوطن الذي كان للرجال البيض سيظل كذلك ولن يستطيعوا يوما استبدال شعبنا".
وزعم أن ارتكاب المذبحة جاء "لأنتقم لمئات آلاف القتلى الذين سقطوا بسبب الغزاة في الأراضي الأوروبية على مدى التاريخ. ولأنتقم لآلاف المستعبدين من الأوروبيين الذين أخذوا من أراضيهم ليستعبدهم المسلمون".
من ألهم الإرهابي؟
وأعلن القاتل في بيانه تأثره بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتباره "رمزا لإعادة الاعتبار لهوية البيض".
وقال تارانت إنه استوحى هجومه من أندرس بيهرينغ بريفيك مرتكب هجمات النرويج عام 2011، كما زعم أن جريمته هذه تأتي أيضا انتقاما لهجوم بالسويد في أبريل/نيسان 2017 وأودى بحياة فتاة صغيرة من بين ضحاياه. وقال أيضًا إنه تأثر بكانديس أوينز، وهي ناشطة مؤيدة بشدة للرئيس الأميركي.
وأضاف أن الفترة ما بين أبريل/نيسان 2017 ومايو/أيار من العام نفسه غيرت وجهة نظره بشكل كبير، وبعد هجوم ستوكهولم في 7 أبريل/نيسان 2017 "لم يعد بإمكاني أن أدير ظهري للعنف.. كان هناك شيء مختلف هذه المرة".
وقال إنه كان يعتزم في البداية استهداف مسجد في دنيدن، وهي مدينة في جنوب البلاد، لكنه تحول إلى مسجد النور لأن الكثير من "الغزاة" يرتادونه بحسب وصفه.
ورغم أنه وصف جريمته بالعمل الإرهابي إلا أنه اعتبرها "عملا متحيزا ضد قوة محتلة".
وأضاف أنه لم يخطط قط لارتكاب هذه المذبحة في نيوزيلندا، لكنه سرعان ما اكتشف أنها بيئة مستهدفة من قبل المهاجرين مثل أي مكان في الغرب. كما أنه "من شأن أي هجوم في نيوزيلندا أن يلفت الانتباه إلى حقيقة الاعتداء على حضارتنا".
واعترف المجرم بأنه منذ عامين يخطط للقيام بهجوم كهذا، لكن قراره تنفيذ الهجوم في مدينة كرايست تشيرتش اتُخذ قبل ثلاثة أسابيع فقط.
وأكد أنه لا ينتمي لأي حركة سياسية، وأنه نفذ الهجوم بدوافع شخصية، فهو يمثل ملايين الأوروبيين الذين يتطلعون للعيش على أرضهم وممارسة تقاليدهم الخاصة، حسب قوله.
وقد ملأ القاتل سلاحه بعبارات ومصطلحات عنصرية تلخص فلسفته كلها، ومن بينها "آكلو الأتراك" وهو اسم لعصابات يونانية بالقرن الـ 19 كانت تشن هجمات دموية ضد العثمانيين، وكذلك عبارة "اللاجئون، أهلا بكم في الجحيم".
كما كتب على سلاحه عبارة "1683 فيينا" في إشارة إلى تاريخ معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ووضعت حدا لتوسعها بأوروبا، وكذلك تاريخ "1571" في إشارة إلى معركة ليبانتو البحرية التي خسرها العثمانيون أيضا.
وهناك تسائلات بشأن دوافع مذبحة مسجد النور بنيوزيلندا ودوافع أبرز الهجمات على المساجد في الغرب....... والجواب ......
أن هيئات حقوقية وإسلامية تعتبر الهجمات على المساجد مؤشرا على تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم، خاصة مع تنامي تيار اليمين المتطرف والأحزاب الشعبوية؛ فالمذبحة التي شهدها مسجدان في نيوزيلندا اليوم ليست سوى حلقة في سلسلة دموية من الجرائم المروعة.
ففي 28 يناير/كانون الثاني 2017 التهم حريق معظم مسجد في بلدة فيكتوريا قرب مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، إثر قرارات أصدرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستهدف المسلمين واللاجئين.
وبعدها بيوم، قُتل ستة أشخاص -على الأقل- في إطلاق نار على مسجد بمقاطعة كيبيك الكندية.
وشهدت لندن في 19 يونيو/حزيران 2017 حادث دهس استهدف مصلين قرب مسجد، أسفر عن مقتل شخص وإصابة عشرة أشخاص.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2016 انفجرت عبوة ناسفة في مسجد بمدينة دريسدن الألمانية، وبعدها بشهرين كتب عنصريون متطرفون شعارات معادية للمسلمين على جدران مسجد بمدينة بوردو الفرنسية.
واليوم تعيش نيوزيلندا صدمة مروعة، بعدما بث يميني متطرف على فيسبوك مباشرة المذبحة التي نفذها في مسجدين بمدينة كرايست تشيرتش أثناء خطبة الجمعة، متسببا في مقتل 49 شخصا وإصابة نحو خمسين آخرين، بينهم أطفال.
المصدر : مواقع إلكترونية