الحمد لله الذى هدانا للإسلام وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبعــــد!
فإن الجامعـــة الإسلامية الواقعة فى بلدة فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش. مؤسسة دينية أهلية حرة. أسس بنيانها على التقوى والرضوان عام 1337 هـ 1938م هدفا إلى ترشيد الأمة لصالح الدارين بغرس جذور العقائـد الصحيحة ونشر المفاهيم الإسلامية الناصعة وبث الوعى الدينى بين طبقات شتى والجيل الجديد الناشى، والحفاظ على القيم والمبادى الأخلاقية عن طريق تعليم الكتاب والسنة واللغة العربية والعلوم والفنون الإسلامية على المستوى المتطور بجانب اهتمامها ببعض المواد العصرية الحيوية وتوثيق عرى التضامن والترابط الدينى والثقافى بتشكيل المناخ الروحى لمواجهة التحديات المتنوعة من قبل أعداء الدين.
إنها من أكبر الجامعة الإسلامية فى الدولة، لها طابعها الثقافى المتميز والدستور المنبثق من الكتاب والسنة وتمتاز فى أوساط التعليم الدينى بحسن التنسيق ودقة النظام، وتكثيف الجهود الموضوعية فى مختلف المجالات، وإنشاء وحدة مؤلفة بين المدارس العربية الأهلية لتطوير التعليم، كما أنها تمتاز بعنايتها بالدراسات العليا وتوفير التسهيلات للبائسين من الطلاب.
ولقد إستطاعت بفضل الله ورحمته فى هذه الفترة أن تؤدى دورا رياديا فى تاريخ البلاد الثقافى والتعليمى والدعوى، حيث وسعت أنشطة التعليم والدعوة حوارا ودراسة وكتابة توسعة منقطعة النظير، وبالنظر لمعدل معطياتها، رغم بساطة الإمكانيات وقساوة الظروف تستحق جدارة أن تعد من القلة النادرة من المؤسسات الدينية فى العالم وذلك من فضل الله تعالى والملموس من بركات إخلاص غارسها الشيخ المفتي عزيز الحق وساقيها الشيخ الحاج محمد يونس عبد الجبار، طيب الله ثراهما.
إنها أول مؤسسة قامت باعادة وتجديد الصلات وتوطيد الأواصر الأخوية بين مسلمى هذه الدولة وبين دول العالم الإسلامى الشقيقة، ولا سيما الدول العربية، ونظمت زيارات الشيوخ وكبار العلماء من الحرمين الشريفين والمعاهد والجامعات الإسلامية الفخمى والهيئات والمنظمات العالمية وتتابعت بعد ذلك تترى زيارات الوفود والشخصيات الإسلامية من مختلف مراكز التعليم والتربية فتعرفوا على أوضاع البلاد الدينية والإجتماعية والثقافية وخدمات هذه الجامعة حيالها. وقدتمت معادلة شهادتها الدراسية العليا مع شهادة جامعة الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية وشهادة جامعة الملك سعود بالرياض، المملكة العربية السعودية.
وتنهض الجامعة بدورها فى تأمين التعليم والسكن والمقررات الدراسية دون مقابل ورسوم لجميع الطلبة وتطعم يوميَاً حوالى 2500 طالب على حساب الجامعة ووظفت فى شؤنها الإدارية وشعبها وأقسامها التعليمية مائة وخمسين مدرسا ومؤظفا.
ومصاريفها الإعتيادية زهاء خمسين مليون تاكا سنويَاً، كلها من تبرعات آحاد المسلمين من داخل الدولة وخارجها ولا تعتمد على مساعدة مالية من أى حكومة بل تجرى الجامعة على أساس التوكل على الله تعالى والثقة بنصره، ثم الإعتماد على عطايا المحسنين من صدقاتهم وزكاتهم.
تاريخ الجامعة
فيسرنا ان نقدم اليكم تعريفا بالجامعة الإسلامية فتية شيتاغونغ بنغلاديش وتقريرا عن انجازاتها وخدماتها ونشاطاتها المتنوعة من ثقافية ودعوية واجتماعية وعلمية.
فانها مؤسسة أهلية دينية, لم تزل منذ فجرها حريصة علي نشر تعاليم الكتاب والسنة, ساهرة علي حمى الدين وحفاظ القيم والمبادى الدينية وتصحيح العقائد واصلاح التقاليد, داعية الى مسلك السلف الصالح من أهل السنة والجماعة في زمن طغت فيه المادة واللادينية وعمت البدع والخرافات وساد الجهل والانحراف عن جادة الطريق.
ولنعد الى الاربعينات للقرن الماضى الميلادى وهى الآونة الاخيرة من الاستعمار البريطانى لشبه القارة الهندية، فالاستعمار من ناحية خلف آثارا سيئة للغاية ورواسب منتنة فى النواحى العقدية والخلقية والاجتماعية للمسلمين فنتج عنها الجهل العام بدينهم والتشرذم والتفرق بينهم، ومن ناحية اخرى كان الاستعمار يمارس جميع انواع البطش والتنكيل والاضطهاد من القتل والشنق والابعاد والسجن والتعذيب الجسدى ضد العلماء المخلصين الغيورين على دينهم فخفت صوت الاسلام وتضاءل نوره وشعاعه، ووقع مصير الامة وكيانها، فى خطركبير، ووجودها ومستقبلها تعرض للخطر فلابد من انقاذ الامة ودينها من براثن الاستعمار ومخالب الجهل ولابد من مكافحة التيارات الهدامة وفتن الجاهلية بثوبها الجديد وما كان لهم من الخيار الامثل الا انشاء مراكز علمية تهدى الى الامة العلماء والكتاب المخلصين والخطباء والائمة المخلصين والدعاة والمفكرين الناصحين الذين تسلحوا بالعلوم النافعة والعقيدة الصحيحة.
فمن تلك الحلقة الذهبية والسلسة الدينية الحية تأسيس المدرسة الضميرية (الجامعة حاليا) على التقوى بمنطقة فتية فى عام 1358 ه الموافق 1938 م باليد الكريمة الميمونة لفضيلة الشيخ المفتى عزيز الحق رحمه الله واسكنه فسيح جناته على غراردار العلوم ديوبند, ولم يكن له رصيد مال سوى التوكل على الله ثم الثقة بتبرعات المحسنين.
فالمؤسس تعهد بنفسه الغراس حتى نما وازهر، سقاه ورعاه حتى اثمر، اصبح مع مرور الزمن شجرة باسقة اصلها فى الارض ثابت وفرعها يعانق السماء تؤتى اكلها كل حين، وساهم فى هذه المسيرة المباركة رجال سجل التاريخ الاسلامي لبنغلاديش دورهم واخلاصهم وتفانيهم بأحرف من ذهب، بذلوا الرخيص والغالى فى تطوير هذا الحصن المبارك وتشييد هذا الصرح الكبير وعلى رأسهم فضيلة الشيخ المرشد الكبير محمد يونس عبد الجبار رحمه الله رحمة واسعة الرئيس الثانى للجامعة الذى تولى زمام امور الجامعة زمنا طويلا من عمرها وادار شئونها بحكمة وبصيرة واخلاص وشهدت الجامعة فى عهده توسعة كبيرة فى مبانيها واقسامها وخدماتها كما انها شهدت فى عهد رئيسها الثالث فضيلة الشيخ العلامة محمد هارون الاسلام آبادى رحمه الله المزيد من التوسعة وابعادا جديدة فى مرافقها ونشاطاتها الداخلية وخدماتها الاجتماعية واستمرت المسيرة فى عهد فضيلة الشيخ نورالاسلام عباس رحمه الله.
وواصل ركب الخير والعلم والهدى مسيرتهم المباركة فى عهد الرئيس الحالى المفكر الاسلامى البارز المفتى محمد عبد الحليم البخارى حفظه الله والجامعة تحقق باذن الله اهدافها السامية وتحرز انجازاتها الكبيرة وتترجم آمالها النبيلة الى الواقع تحت قيادته الرشيدة وشهدت فى عهده تحسينات كثيرة واصلاحات محمودة فى الشئون الادارية والانظمة الداخلية فالحاضر الزاهر فى ظل قيادته الحكيمة اتصل بالماضى المجيد ليبنى مستقبلا اكثر اشراقا وبريقا.
نعم، الطريق ماكان معبدا دائما ولا مفروشا بالورود والازهار، واجهت الجامعة بين فترة وأخرى عراقيل فى طريقها، صعوبات فى مسارها، مؤامرات ودسائس ضد رقيها وتقدمها، وهجوما عنيفا مسلحا على منشآتها ومبانيها من قبل عناصر الشر والجهل واعداء النور والهدى ولكن قدر الله لها فى كل مرة العبور بالسلامة والامان وشرفها بمزيد من التقدم والازدهار.
وبذلت الجامعة طيلة سبعة عقود من الزمن من الجهود العملاقة ماأكسبها الشهرة العالمية والتقدير والاشادة من كبار الزائرين وأحلهاالمكانة المرموقة بين الأوساط الدينية والتعليمية محليا ودوليا وحققت من الانجازات الضخمة فى مجالات التعليم والتربية والدعوة والخدمات الاجتماعية والاغاثية وخرجت آلافا من الأساتذة والدعاة والكتاب والباحثين واهل الفتوى ورجال الإصلاح والتوجيه ولله الحمد.
– فالجامعة الاسلامية فتية اصبحت اليوم اسم اكبر صرح علمى اسلامى فى بنجلاديش، وحصن حصين للفكر الاسلامى والايمان, ومنار مضيى للدعوة، ومشعل الخير والمعارف، فهى عريقة فى منهجها واصولها ودورها، وحديثة فى انظمتها وإدارتها.
الجامعة في نظرة
الموقع : الجامعة الإسلامية تقع ببلدة فتية في الجناح الجنوبي لمقاطعة شيتاغونغ التي تعتبر أرقى وأزهر مقاطعات الدولة ثقافة وحضارة وسياسة وتجارة.
عام التأسيس : 1358 هـ الموافق 1938 م
المؤسس ورئيسها الأول : فقيد الدعوة والإرشاد سماحة الشيخ المفتي عزيز الحق r (المتوفي: 1380هـ) من 1357 هـ الموافق 1938 م إلى 1377 هـ الموافق 1958م
رئيسها الثاني : سماحة الداعية الكبير محمد يونس عبد الجبار r (المتوفي: 1412 هـ الموافق 1992 م)، من 1377 هـ الموافق 1958 الى 1412 هـ الموافق 1992 م)
رئيسها الثالث : سماحة الشيخ الجليل محمد هارون الاسلام آبادي r (المتوفي: 1424هـ)، من 1992 إلى 2003 م
رئيسها الرابع : صاحب المعالي الشيخ الجليل محمد نور الإسلام r (المتوفي: 1432هـ)، من 2003 إلى 2008 م
رئيسها الخامس الحالي :فضيلة الشيخ العلامة المفتي محمد عبدالحليم بخاري حفظه الله، من عام 2008 الى الوقت الراهن.
المسلك : تعتنق في عقيدتها مسلك السلف الصالحين من أهل السنة والجماعة.
الأهداف : الحفاظ على العقائد الصحيحة والقيم الإسلامية والدفاع عن ثغور الملة الخالدة وتوسيع إطار الأنشطة الدينية بطريق التعليم والتربية والتبليغ والإرشاد وتكوين دعاة راسخين يعملون في مختلف مجالات الحياة.
مراحل التعليم : الأبتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والعالية، والعالمية (الجامعية)، تستكمل في 15 سنة.
الدراسات العليا : التخصصات في علوم القرآن والحديث والفقه الإسلامي واللغة العربية واللغة الوطنية والتجويد والقراءة.
المعاهد التابعة : روضة الأطفال معهد تحفيظ القرآن الكريم معهد التدريب المهني.
عدد الأساتذة والمؤظفين : 150 شخصا.
عدد الطلاب : عددهم في مختلف المراحل والأقسام والمعاهد التابعة: 5000 طالب.
المصاريف السنوية الإعتيادية: تربوعلي460000 $ دولار أمريكي.