بقلم راشد الحسن-طالب قسم اللغة العربية بجامعة إبراهم
إن المدارس القومية غنية عن بيان أدوارها وهي ظلت تهدي الناس إلى طريق الخير - الجنة - و تنهاهم عن الشرك و البدع و غير ذلك. و هي تقمع الأباطيل و تضيئ الأرض بأشعتها و تخرج الناس من الظلمات إلى النور منذ بداية تأسيسها حتى اليوم، و تجعل القوم الغير المهذب قوما مهذبا مثاليا، فهي أفضل المؤسسات في العالم. بدأت المدرسة في الإسلام من المساجد و هي بجوار المسجد النبوي المسمي "بدار الأرقام" التي يثابر عليها بعض أصحاب النبي عليه السلام ليلا ونهارا، صباحا ومساء. كانوا يطلبون العلم، و لازموها ملازمة الظل لصاحبه و هم أصحاب الصفة. و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مسته ضرورة في بعث معلم إلى قوم بعثه من "أصحاب الصفة" و كانوا يعلمون الدين و الشريعة فيها. وكانوا يتصفون بالصفة المحمودة بصحبة النبي صلي الله عليه و سلم و هذه المدارس الأهلية التي نراها في العالم بأسره إنها سلسلة من تلك المدرسة التي كانت بجوار مسجد النبي صلى الله عليه و سلم. وبناء على هذا أن أم المدارس القومية التي أسسها حجة الإسلام قاسم النانوتوي رحمه الله تعالى. ومؤسسها الروحي محمد رسول الله أمره في المنام أن يبنى مدرسة دينية. و عين مكانها وضع الخط في الأرض خطا، يعرفها العالم بدار العلوم ديوبند.وهي مصدر المؤسسات العلمية التي تقام اليوم باسم "المدارس القومية".
إن أول ما يحتاج إليه الناس هي المدرسة القومية لأنهم يعرفون الدين فيها و الإسلام و جميع ما يحتاج إليه من أمور الدنوية و الأخروية في حياته، فلولا المدارس القومية لبقي الناس على جهالتهم ، لا يعرفون الإيمان و الدين و أحكام الشرع، كما أنهم لا يعرفون الحق و الباطل و الحلال و الحرام.
و لا مجال للإنكار في أن المدارس الأهلية و علماءها قد لعبوا أدوارا في كل المجالات الدينية فوق الوصف. أذكر لكم بعض أدوار المدارس القومية في نشر الإسلام. ومما لا يتطرق إليه أدنى شك في أن المدارس الدينية و الأهلية لها أدوار عديدة لامعة باهرة، ومن أبرز أدوارها في ميدان الحركة : إزالة الشرك و الكفر و رد الفساد و قمع البدع و الخرافات و استئصال الإلحادية. و كان دورها أيضا في حرب استقلال بنغلاديش. لما رأى علماء المدارس القومية أن شعب باكستان الشرقية مصابون بظلم شديد و مجروحون جرحا شديدا. فكانوا مفكرين كيف نستقل بلادنا؟ و ننقذ من الأيدي الظالمة؟ ثم شجعوا عامة الشعب على حمل السلاح في حرب الاستقلال. هذا هو الشيخ محمد الله المعروف بـ "الحافجي حضور" رحمه الله تعالى أنه حث العلماء كلهم على الانخراط في حرب الاستقلال ضد الباكستانيين. و في ذلك الوقت قال : "الباكستانيون هم الظالمون" فعلينا أن ننقذ هذه البلاد من أيدي الباكستانيين الظالمين. و ههنا دور مهم أخر استئصال الإلحادية. لما بدأ الدهريون يبذلون جهودهم في نشر الإلحادية في أنحاء العالم. فاحتلوا وسائل الإعلام المطبوعة و الإلكترونية.
و لكن المدارس القومية ليست غافلة عن نشاطتهم السيئة. و علماء المدارس القومية نبهوا الناس بإلقاء الخطابات القيمة. فينشرونهافي الشبكات و في مختلف الجرائد و المجلات. و لما نشرت "تسليمة نسرين" الكلمات الإلحادية المسمومة بكتابتها في بلادنا. قام العلماء بالحركات الغاضبة من ساعتهم ضدها. و قلعوا أنيابها المسمومة من غرسها حتى ظفروا بإخراجها من هذه البلاد. و كذلك رأينا في الخامس من فبرائر سنة2013 مـ. اجتمع بعض الملحدين في "شاه باغ" و اشتعلوا بأعمال مذمومة، أنذاك لم يكن علماء المدارس القومية في بلادنا متخلفين عن ذلك،
بل نبهوا الناس و خرجوا عليهم و اشتعلوا نار الاحتجاجات الغاضبات ضد قرارهم في عدة مدن بنغلاديش. و من أهم أدوارها تكوين الرجال : إن هذه المدارس لعبت دورا هاما لتصنع أبطالا ينافسون السماء في سموها. و يبارون البحار في هيجاتها و يجارون الأرض في سعتها. فالأبطال الذين كانوا نجوم هذه الأرض و مجاهدوا الإسلام كلهم ممن أنجبتهم هذه المدارس. و ترعرعتهم في حضنها و حضانتها. فمنهم الشيخ شمس الحق الفريد فوري رحمه الله تعالى. كان رحمة الله نادر الزمان بكل معني الكلمة قد سلك في طلب العلم كل سبيل، وتضلع في مختلف اللغات من العربية و الأردية و الإنجلزية و ما إلى ذلك. و فضيلة الشيخ المفتي فضل الحق الأميني رحمه الله. كان عالما نابلا، مدير الأحزاب المتحدة الإسلامية، أسد البنغال. وإن الشيخ كانت له شخصية جامعة و شاملة. و صفات متميزة. و هو كان بارزا من الأبرز مثلا من الأمثال. رجلا من رجال الدين الذين بذلوا قصارى جهودهم في سبيل الدعوة و السياسة.ومن جانب أخرسماحة الشيخ إدريس رحمه الله. هو كان ذاشخصية ضخمة. كان يحمل بين جنبيه أفكار أصحاب رسول الله عليه و سلم. أولئك حزب الله،و إن حزب الله هم الفائزون.
و بالإضافة إلى ذلك أن العلماء و الطلاب من المدارس القومية هم يعيشون هموم دعوتهم و هموم أمتهم. و أصبحت دعوة الناس شغلهم و يجرون نشاطاتهم الدعوية بأساليب مختلفة و طرق شتى... فمن تلك الوسائل و الطرق : النصيحة و الإرشاد في حفلات متنوعة و اجتماعات مختلفة. و العلماء يخطبون و ينصحون الناس تحت ضوء القرآن من حيث المعاني و التفسير و التشريع و يعلمونهم العقائد الصحيحة لأهل السنة و الجماعة. فتمنى إلى المدرسة قلوب الناس و تميل إليها أفئدتهم وتنشأ في قلوبهم الغضة الإيمان الوثيق بالله. فينيبون إلى الله إنابة و يتوبون إلى الله متابا و يتركون المعصية و الملاهي.
و في الختام.. إن المشركين و اليهود و النصارى و الملحدين قد خاضوا لإهلاك هذه المدارس الدينية. و يكدحون من جهات شتى . و لكنهم لم يقدروا و لن يقدروا أبدا. بل يهلكون كما هلكوا في القرون الماضية فينبغى لنا: الاعتناء بالمحافظة على المدارس الدينية و مساعدة أهلها من كل جهة بأنفسنا و أموالنا وأقوالنا.
اللهم احفظ حصون الإسلام و هذه المدارس و انصرنا أهلها في كل مكان من العالم. أمين يا رب العالمين.