الثلاثاء 3 من ذي القعدة 1439هـ – 17 يوليو 2018م
بعد قضاء ثلاثة أيام في سِلْهِت أغادِرها الآنَ إلى داكا. واستغلالًا لفترة الانتظار في صالة انتظار المطار أسجِّل في اليومية ما ركَّزتُ عليه في عِدَّة مجالس ماضية، من أنه إذا كان هناك اختيارٌ أو مَوْقِفٌ لعالمٍ كبير([1]) أو لفِئَةٍ من العلماء، وخَطَّأ ذلك المَوقِفَ أو الاختيار عالِمٌ آخَر مؤيِّدا تخطئتَه بأدلة شرعية وعقلية، لا يجوز لِمُنْتَسِبٍ إلى العلم أن يقول : هل يفهم هذا أكثرَ من ذلك العالم؟ أو هل يفهم هذا الواحد ما لا يفهمه الجميع؟ أو هل يفهم ذلك العالم أقلّ من هذا؟ أو أَ فَهْمُ الجماعةِ أضعف من فهم الواحد؟ وما إليه من التعبيرات، بدل أن يؤيِّد ذلك العالم أولئك العلماء بالأدلة المقبولة إن رأى مَوْقِفهم صحيحا؛ وبعبارة أخرى بدل أن لا يُخَطِّئ المُخَطِّئَ بأدلة صحيحة واضحة.
إن التأييد المجرَّد من الدليل والتخطئةَ الخالية من الحُجَّة ليس من شأن عاقلٍ عاديّ فضلًا أن يكون من شأن منتسِب إلى العلم. ولكنْ مهما يكن هذا الصنيع غيرَ معقولٍ وبعيدًا عن العقل العامّ، فإنه واقعٌ حَيٌّ ولاسِيَّما في أفراد كثيرين من مُجْتَمَع ما يُسَمَّى بـ«مجتمَع علماءِ بنغلاديش».
أنا لا أفهم إذا كانت هذه مقولةَ مَنْ قَضَوْا في المدارس الإسلامية 12 (اثنتي عشرة سنةً) أو أكثرَ دارِسِين، ثم لا يزالون يَقضُون فيها أعمارهم مدرِّسين، فماذا كَسَبُوا؟ وفي أيّ عمل بَذلوا أوقاتهم؟
سبَق أن اليومية بَدأتُ كتابتها في صالة انتظار المطار، وقد انتهَيت منها في الطائرة محلِّقَةً من المَدْرَج إلى الفَضَاء. ثم خطَر الآن بالبال أن أُلحِق ههنا قول عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه : «إن الحق لا يُعرَف بالرجال، اِعْرِف الحق تعرف أهله».([2])
(تنبيهٌ مُهِمّ : راجِعْ ما كُتِب في آخِر يومية الخميس 6 من ربيع الأول تحت عنوانِ «تنبيهٌ مُهِمّ» ص 266)
[1]. راجِعْ يوميةَ الخميس 13 من ربيع الأول لمعرفةِ متى يُتَّبَع الأكابِرُ ويُوَافَق على استحساناتهم؟ تجد فيها أقوالَ الشيخِ سعيد أحمد البالَنْبُورِيِّ حفظه الله والشيخِ رشيد أحمد الكَنْكُوهِيِّ والشاهِ وليِّ الله المحدِّث الدهلويِّ رحمهما الله تعالى.
[2]. أورَده القرطبيُّ في تفسير الآية 42 من سورة البقرة، والزمخشريُّ وأبو حَيّان الأَنْدَلُسِيُّ في تفسير الآية 15 من سورة ق. وراجِعْ هنا يوميةَ الأحد 24 من صفر، ولاسِيَّمَا قولَنا فيها ابتداءً «وفي مثل هذا تتجلى».