تحدى آلاف العراقيين، الخميس، حظر التجوال الذي فرضته الحكومة، وخرجوا في احتجاجات متواصلة لليوم الثالث على التوالي للتنديد بسوء الخدمات العامة وقلة فرص العمل والفساد.
وشق المحتجون طريقهم وسط إطلاق النار من قبل أفراد الأمن إلى ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، والقريبة من المنطقة الخضراء شديدة التحصين والتي تضم مقار الحكومة وممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية.
وأطلقت قوات الأمن النار، والغازات المسيلة للدموع؛ لتفريق المحتجين الذين ردوا بدورهم برشق قوات الأمن بالحجارة.
وقال أحد المتظاهرين في بغداد ويدعى رحمن محمود : "كان الرصاص الحي موجه فوق رؤوسنا وليس في الهواء بالرغم من كوننا عزل إضافة للغاز المسيل للدموع، ما اضطرنا إلى التراجع قليلا لكن القوات الأمنية واصلت إطلاق الرصاص".
وتابع محمود قائلا، "هناك إصابات كثيرة بين صفوف المتظاهرين لم نتمكن من إحصائها لكن سيارات الإسعاف لم تتوقف".
متظاهر آخر عرف عن نفسه باسم أبو حيدر (رفض التحدث باسمه الصريح) قال : "حاولنا العبور باتجاه جسر الجمهورية (المؤدي للمنطقة الخضراء) وتفاجأنا بوجود مسلحين مدنيين".
وأضاف بالقول، "سمعنا من بعض المتظاهرين أن هؤلاء (المسلحين) هم من سرايا الخراساني (أحد فصائل الحشد الشعبي) المدعومين من إيران وقد قاموا بإطلاق رصاص كثيف وعشوائي تجاهنا للحيلولة دون وصولنا إلى السفارة الإيرانية".
وأفاد مراسلون بأن محتجين في بغداد أطلقوا هتافات مناهضة لإيران بقولهم "عراق حرة حرة .. إيران برا برا".
وتعكس الهتافات نفور العراقيين من الطبقة السياسية الحاكمة التي يرتبط الكثير منهم بعلاقات وثيقة الصلة مع إيران إلى درجة يقول المحتجون بأن طهران باتت تتحكم بمفاصل الدولة من خلال الأحزاب الشيعية الحاكمة.
وخرجت الخميس، احتجاجات مماثلة في محافظات البصرة وبابل وذي قار وميسان والنجف جنوبي البلاد وهي ذات غالبية شيعية، حيث تحدى المحتجون حظر التجوال الذي فرضته الحكومة في معظم محافظات جنوبي البلاد.
وأوقعت الاحتجاجات العنيفة مزيدا من القتلى والجرحى.
وقال عضو في مفوضية حقوق الإنسان العراقية (مؤسسة رسمية تتبع البرلمان)، الخميس، إن عدد ضحايا الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الثلاثاء، ارتفع إلى 28 قتيلًا، وأكثر من ألف جريح، بينهم عناصر أمن.
وفي تصريحاته أوضح عضو المفوضية، هيمن باجلان: "ضحايا الاحتجاجات ارتفعت إلى 28 قتيلًا بالإضافة إلى 1177 جريحًا بينهم عناصر أمن"، دون تفاصيل عن عدد الأمنيين بين الجرحى والقتلى.
ولفت باجلان أن "ضحايا الاحتجاجات في محافظة ذي قار (جنوب) فقط، بلغ 10 قتلى وهي الأكثر من بين المحافظات، بينما سجت أعلى حصيلة للجرحى في بغداد بواقع 440 بينهم عناصر أمن".
وتابع موضحًا أن "قوات الأمن في مختلف المحافظات اعتقلت منذ الثلاثاء الماضي وحتى اليوم 216 متظاهرًا، تم الإفراج عن 154 منهم فيما لايزال 62 متظاهرا رهن الاعتقال".
ولفت باجلان إلى أن أحدث الضحايا كان "مقتل متظاهر وعنصر أمن وإصابة 37 بجروح مختلفة مساء الخميس، في مواجهات بين الطرفين في محافظة الديوانية(جنوب)".
وحتى ظهر الخميس، كانت الحصيلة المعلنة للضحايا والمستندة إلى مصادر ميدانية وحقوقية وناشطين وشهود عيان، تشير إلى مقتل 21 وإصابة المئات، قبل أن يعلن باجلان الحصيلة الجديدة، فيما تلتزم السلطات الحكومية الصمت فيما يتعلق بعدد الضحايا والموقوفين.
إلى ذلك، التقى رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي بقادة الأمن في العاصمة بغداد لبحث التوترات في البلد.
ووفق بيان لمكتب عبد المهدي، فإن الأخير دعا قادة المحتجين للتباحث مع الحكومة بشأن مطالبهم، في مسعى لنزع فتيل الاحتجاجات.
ومنذ الثلاثاء، تشهد بغداد وعدة محافظات عراقية احتجاجات شعبية متصاعدة على الفساد وسوء الخدمات العامة وقلة فرص العمل.
ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على سوء الخدمات العامة الأساسية من قبيل الكهرباء والصحة والماء فضلا عن البطالة والفساد.
ويعد العراق واحدا من بين أكثر دول العالم فسادا، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
والفساد يعتبر، إلى جانب التوترات الأمنية، سبب فشل الحكومات المتعاقبة في تحسين أوضاع البلاد، رغم الإيرادات المالية الكبيرة الآتية من بيع النفط.
المصدر : وكالة الأناضول