جاءت فكرة الاحتفاء باليوم الدولي للغة الأم بمبادرة من بنغلاديش احتفالا بذكرى الحركة اللغوية التاريخية في بنغلاديش لعام 1952 الخالدة، وتحية لشهداء حركة اللغة.
ووافق عليها المؤتمر العام لليونسكو عام 1999 ليبدأ الاحتفاء بهذا اليوم حول العالم منذ عام 2000. ويصادف تاريخ 21 شباط/ فبراير في بنغلاديش ذكرى نضال سكان بنغلاديش من أجل الاعتراف باللغة البنغالية.
تؤمن اليونسكو بأهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة. وتعمل المنظمة، في إطار ولايتها من أجل السلام، على الحفاظ على الاختلافات في الثقافات واللغات بغية تعزيز التسامح واحترام الآخرين.
يتعرض التنوع اللغوي بشكل متزايد للتهديد مع ازدياد اندثار اللغات. وإنّ 40% من السكان حول العالم لا يحصلون على التعليم بلغة يتحدثونها أو يفهموها. ولكن، هناك تقدّم ملموس في إطار التعليم متعدد اللغات القائم على اللغة الأم، وما يقترن به من فهم متزايد لما يمثله من أهمية، ولاسيما في المراحل المبكرة من التعليم، فضلاً عن تزايد الالتزام بتطويره في الحياة العامة.
فإنّ اللغات تشكّل أساس وجود المجتمعات متعددة اللغات والثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون ونشر الثقافات والمعارف التقليدية على نحو مستدام.
حركة اللغة البنغالية
حركة اللغة البنغالية أو حركة اللغة حركة سياسية في بنغلادش عندما كانت تعرف بإسم شرق باكستان طالبت بالاعتراف باللغة البنغالية كلغة رسمية في الدولة كي يسمح بتداولها في الشئون الحكومية والتعليم ووسائل الإعلام والعملة والطوابع.
وفي عام 1947 تم تقسيم الهند إلى دولتين لكل منهما السيادة المستقلة تشكلت حكومة باكستان وكانت تتألف من مجموعات عرقية ولغوية متنوعة وجغرافياً غير متصلة بإقليم بنغال الشرقي الذي اُطلق عليه في عام 1956 باكستان الشرقية التي تضم سكان بنغاليين في المقام الأول.
وفي عام 1948 فَرضت الحكومة الباكستانية اللغة الأردية اللغة الوطنية الوحيدة للبلاد مما أثار إحتجاجاً واسعا ونزاعات طائفية للأغلبية المتحدثة بـاللغة البنغالية في بنغال الشرقية، تحدىَ طلاب جامعة دكا وغيرهم من النشطاء السياسيين ذلك القانون وتلك الحكومة ونظموا مسيرات للاحتجاج في 21 فبراير 1952 ووصلت الحركة الاحتجاجية إلى ذروتها عندما قتلت الشرطة مجموعة من الطلاب المتظاهرين في ذلك اليوم وأثار قتلهم الذعر والاضطرابات المدنية بقيادة حزب رابطة عوامي الإسلامي الذي تغير اسمه بعد ذلك إلى حزب عوامي الوطني.
وبعد كثير من الصراعات تراجعت الحكومة المركزية عن قرارها ومنحت الصفة الرسمية إلى اللغة البنغالية عام 1956.
وفي عام 1999 اعتبرت اليونسكو يوم 21 فبراير اليوم الدولي للغة الأم وعطلة رسمية وذلك تكريماً لحركة اللغة وإحتراماً لمطالب وحقوق الإنسان في كافة أنحاء العالم. وحفزت حركة اللغة على تأكيد الهوية الوطنية لولاية باكستان الشرقية التي أصبحت رائدةً للحركات القومية البنغالية ومنها حركة 6 نقاط وتحرير بنغلاديش في عام 1971.
المراحل الأولى للإنقلاب اللغوي
بعد الحرب الباكستانية-الهندية 1947 وتقسيم الهند شكّل متحدثي لغة بنغالية في شرق باكستان 44 مليون من إجمالى 69 مليون في باكستان وبالرغم من سيادة الحكومة الباكستانية سيطر عليها أفراد من غرب البنغال عام 1947 وفُرض تعليم اللغة الأردية في مدينة كراتشي كنوع من التربية الوطنية ودفاعاً عنها كلغة الدولة الوحيدة وتم إستخدامها في وسائل الأعلام والمدارس.
ولذلك زاد المعارضين إحتجاجاً واحتشد طلاب جامعة دكا بقياده أبو القاسم مطالبةً بتعيين اللغة البنغالية لغه رسمية ل باكستان ووسيله لللعليم في شرق بنغال ورغم ذلك ألغت لجنة الخدمات العامة اللغة البنغالية من الموضوعات المعتمده تماماً وكذلك العملة والطوابع وأجرى وزير التعليم فضل الرحمن إستعدادات مكثفه لجعل اللغة الأردية لغة الدولة الوحيدة .
زاد غضب واحتقان العامة وتجمع الطلاب في جامعة دكا في 8 ديسيمبر 1947 للمطالبه رسمياً بجعل اللغة البنغالية هى اللغة الرسمية ولتعزيز رفضهم . جادَل كثير من كبار علماء بنغاليه على فرض اللغة الأردية كلغة الدولة الرسمية.
ثورات 1948
احتشد طلاب جامعة دكا وجامعات أخرى بمسيرات هائله يوم 11 مارس 1948 إعتراضاً على إسقاط اللغة البنغالية من الاستخدام الرسمي للبلاد وكذلك الطوابع والعملات واختبارات التوظيف للبحرية, ومطالبةً بإعلان اللغة البنغالية اللغة الرسمية في باكستان المستقله.
وتم القبض على كبار السياسين والنشطاء خلال المظاهرات مثل شمس الحق شوكت علي كازى غلام محبوب وقائد المسيرة الزعيم محمد طه دخَل المستشفى بعد محاولتُه لإنتزاع بندقية ضابط شرطة وأشترك أيضاً الطلاب عبد المتين وعبد المالك في هذه العملية.
وفى مساء 11 مارس إتجه الطلاب إلى منزل رئيس الوزراء الخواجه نظمى الدين إحتجاجاً على وحشية الشرطة ،ورغم ذلك هاجمت الشرطة المسيرات مما أسفر عنه إصابة عدد من الطلاب والزعماء مثل أبو القاسم فضلول حق، وفي ظل تلك الظروف البائسه وقّع رئيس الوزراء إتفاق مع القيادات الطلابية على الموافقة على بعض الشروط والأحكام ولكن بعيداً عن تعيين اللغة البنغالية لغة الدولة.
وفى ذروة الأحداث وصَل الحاكم العام محمد على جناح باكستان في 19 مارس 1948، وفي 21 مارس في حفل إستقباله زعَم أن تلك الحركة مخططة وما هى إلا لتقسيم المسلمين في باكستان وأن اللغة الأردية هى التي تجسد روح الإسلام وتظل لغة الدولة الوحيدة ومن يعارض ذلك فهو من أعداء باكستان، ذلك ماقرره جناح ووافق عليه رئيس الوزراء الخواجه نظمى وتطبق سياسة اللغة الأردية فقط.
ورداً على ذلك قررت لجنة باكستان الشرقية برئاسة مولانا اكرم خان بإعداد تقرير لتلك المشكلة في 6 ديسمبر 1950 ولكنه لم يتم نشره حتى 1958 واقترحت الحكومة أن يكون مكتوبا بـ اللغة العربية كوسيله لحل الصراع اللغوي.
21 فبراير 1952
تجمّع الطلاب الساعة التاسعة صباحاً في جامعة دكا وحاصرت الشرطة و نائب رئيس الجامعة الحرم الجامعى وقامت الشرطة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع لتحذير الطلاب ولكنهم إتجهوا إلى كلية الطب وآخرين احتشدوا في مسيرات نحو مقر الجامعة.
وطلب نائب رئيس الجامعة بوقف إطلاق النار على الطلاب، وعليهم بالمغادرة ولكنهم لم يستجيبوا وقُتل كثير منهم عبد الجبار أبو البركات عبد السلام رفيق الدين احمد وأثار ذلك الذعر في كل أرجاء المدينة وتوقفت الحياة في المحلات والبنوك ووسائل المواصلات وبدأ إضراب عام، وأحرق المتظاهرون وكالات الأنباء المؤيدة للحكومة.
22 فبراير 1952
عمت الفوضىَ في سائر أنحاء المحافظة وأدانت المسيرات أفعال الشرطة الوحشية, فأكثر من 30.000 مواطن تجمعوا في قاعة كروزون في دكا وخلال تلك الاحتجاجات قُتل أربعة أشخاص آخرين وهذا دفع الضباط والموظفين في مختلف المنظمات والبنوك ومحطات الراديو الإضراب عن العمل والمشاركة في المظاهرات.
استمرار الفوضى والاضطرابات
شيّد طلاب كلية الطب جامعة دكا نصب تذكارى للشهداء في مساء 23 فبراير وأفتتَح النصب على يد والد أحد الناشطين الشهداء وتم تدميره من قبِل الشرطة في 26 فبراير، إحتَج عمال المصانع في مدينة نارجيانج في يوم 29 فبراير إعتراضاً على أفعال الشرطة.
فرضت الحكومة البنغالية الرقابة على وسائل الإعلام للسيطرة على عدد الضحايا خلال الاحتجاجات. اجتمعت وسائل الأعلام المؤيدة للحكومة الهندوسية والشيوعية لتأييِد موقف الطلاب والمعترضيِن علىى أفعال وقوانين الشرطة، وكذلك توجهت أسر الضحايا أبو البركات ورفيق الدين بإتهام الشرطة بجريمة قتل المتظاهرين ولكن سرعان ما تم رفضها من قبل الشرطة.
وفشَل تقرير الحكومة في 8 إبريل في تغطية الأحداث لإظهار أى مبرر للشرطة في إطلاق النار على الطلاب. وفي 27 إبريل عقَدت جامعة دكا وكل الأحزاب المشاركة في حركة اللغة [ندوة] في قاعة نقابة المحامين وخلال الاجتماع دعَا ممثلىي الأحزاب الحكومة بإطلاق سراح السجناء وتخفيف القيود على الحريات المدنية واعتماد اللغة البنغالية كلغة رسميه للبلاد.
أحداث بعد 1952
تجمّع الناس في 21 فبراير 1953 وإعلان الحداد تضامناً مع ضحايا الحركة اللغوية في أول احتفال لإحياء ذكرى 21فبراير يوم الشهداء أرتدى الناس في شرق بنغلاديش شارات سوداء تضامناً مع الضحايا وأغُلقت معظم المكاتب والمؤسسات التعليمية للإحتفال بهذه المناسبة وأتفقت جماعات طلابية مع مسئولين الجامعة والشرطة بالحفاظ على الأمان والنظام.
واجتمع أكثر من 100.000 شخص في جلسة علنية في دكا مطالبين بالإفراج الفورى عن مولانا البشانى والسجناءالسياسين الآخرين.
ورغم ذلك انتشَرت الفوضىَ بتصريح فضل الرحمن في بنغال الغربية (بأن من يطالب بتفعبل اللغة البنغالية لغة رسمية فهو عدو للبلاد). وفى مساء 21 فبراير 1954 اندلعت مسيرات واسعة حامليِن أعلام سوداء حداداً على الشهداء وأعتقَلت الشرطة الطلاب وغيرهم من المتظاهرين الذين أُطلق سراحهم في وقت لاحق.
أحداث 1954
وصلت التوترات السياسية إلى ذروتها خلال انتخابات المجلس الإقليمى في بنغال الشرقية عام 1954، استنكر حزب المسلمين الحاكم الجبهة المعارضة التي كان يقودها أبو القاسم حقو حزب عوامى، هم فقط أرادوا مزيداً من الإستقلالية والحرية، واعتقل العديد من قادتهم وبعض الناشطين.
تعديل الدستور
في 7 مايو 1954 عزمت الجمعية التأسيسية بدعم من حزب المسلمين على منح اللغة البنغالية الصفة الرسمية، وفي 29 فبراير 1956 تم الاعتراف بها كلغة رسمية ثانية في باكستان، وأُعيدت صياغة المادة 214 من الدستور الباكستانى إلى أن لغتى باكستان هما اللغة الأردية واللغة البنغالية ومع ذلك حاولت الحكومة العسكرية بقيادة أيوب خان بإعادة تفعيل اللغة الأردية كلغة البلاد الوحيدة. وفي 6 يناير 1959 أَصدر النظام العسكري في بيان رسمي مع دعم سياسة دستور 1956 أن للدولة لغتين.