خسائر بشرية واقتصادية كبيرة لحقت بالسكان المسلمين في شمال نيودلهي جراء موجة التدمير والتهجير القسري التي أحدثها المتطرفون الهندوس حديثا، في وقت تحاول فيه جمعيات خيرية إسلامية إغاثة المتضررين وترميم المساجد والممتلكات.
وأدت أحداث العنف الطائفية في منطقة أنديرا فيهار شمال شرق العاصمة الهندية إلى مقتل أكثر من 30 شخصا، كما أفقدت الكثير من المسلمين أعمالهم وتجاراتهم، وأضرت كثيرا بمحدودي الدخل الذين يعتمدون على الدخل اليومي من أعمالهم.
وتخبرنا شبانة بافين عن معاناتها، فهي تملك محلا صغيرا للخياطة وتساعدها ابنتها، لكن المتطرفين أحرقوا محلها، وتقول إن إجمالي رأس مالها لا يتجاوز 200 دولار لكي تبدأ مرة أخرى وفي منطقة أخرى آمنة.
كما يخبرنا محمد هارون، الذي كان يمتلك محلا للملابس ومشغل خياطة، أن المتطرفين اقتحموا محله وسرقوا ونهبوا جميع ما طالته أياديهم من مكائن وبضاعة، ثم حرقوه بالكامل.
أما محمد خطيب الله، الذي يعول ستة أفراد ويعمل سائقا، فقد أحرقوا منزله بعد نهبه، ويقول "ماذا بعد فقدِ وظيفتي ومنزلي؟".
هجمة منظمة
تشير التقارير الدولية إلى استهداف منازل ومحلات المسلمين بشكل منظم ومدروس، فقد جرى استهداف أكثر 200 منزل و100 محل تجاري و500 مركبة خلال هذه الأحداث، فضلا عن الاعتداء على 8 مساجد ومدرسة إسلامية وعدد كبير من المخازن، مما تسبب في خسائر تقدر بأكثر من 30 مليار دولار.
ومع التداخل الشديد في الأحياء بين المسلمين والهندوس، استُهدفت محلات المسلمين استهدافا دقيقا جدا، في وقت لا تزال فيه منازل ومحلات الهندوس الأنيقة بجوار محلات ومنازل المسلمين المحترقة والمدمرة.
وهنا يقول السيد منذر الذي يسكن في حي أنديرا فيهار، "لا نعرف ما إذا كان المعتدون من أبناء الحي أو من خارجه، لأنهم كانوا ملثمين"، ويتساءل "كيف يمكن لغرباء أن يستهدفوا منازل ومحلات المسلمين بهذه الدقة إذا لم يتلقوا مساعدة من داخل الحي؟".
وأضاف أنه جاء قبل 15 سنة للمنطقة لبيع الطعام على عربة، حتى تمكّن من شراء بيت يتشارك فيه مع عائلة أخيه، لكن البيت تحوّل في يوم واحد إلى كومة محترقة.
وفي فيديو متداول، يظهر احتشاد المتطرفين مع بداية هجمتهم، حيث اعتدوا على متجر للدجاج في منطقة "خاجوري خاص" في المساء، ثم عادوا إليه وأحرقوه بالكامل، وقبيل فجر اليوم التالي ذهبوا إلى منزل مالكه وأحرقوه.
وفي فيديو آخر، استهدف المتطرفون متجر أدوية وسلبوا محتوياته ثم دمروه، بينما يظهر آخر منزلا وصالة ألعاب رياضية في منزل أحد المسلمين المستهدفين في حي شيف فيهار وقد احترق المنزل بالكامل، لكن الأسرة هربت عبر فتحة في سقف المنزل إلى الخارج.
المتطرفون الهندوس نهبوا وأحرقوا كل ما طالته أيديهم من ممتلكات المسلمين (مواقع التواصل الاجتماعي) |
الخطاب الإعلامي
ومع هذه الأحداث الدامية، تزداد الخطابات العدائية والعنصرية في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، داعية الهندوس إلى مقاطعة المسلمين تجاريا، مما يدفع المسلمين للهروب من المناطق التي تزيد فيها مظاهر العنصرية، بينما يضطر آخرون لإخفاء هوياهتهم.
ويعرض الإعلام الحكومي الأحداث كما لو أنها مجرد احتكاكات طفيفة، وهو يحث على عودة السلام بين السكان بشكل عام، بينما يشتكي المسلمون من تعرضهم لمذبحة منظمة من قبل المتطرفين الهندوس.
في المقابل، هناك بصيص أمل مع ظهور دعوات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع تبرعات للمتضررين، والتي تلقت رد فعل قويا من المسلمين على مستوى الهند بشكل عام، وأيضا من الهندوس والديانات الأخرى.
ومن الجمعيات الخيرية القائمة على التبرعات الجماعة الإسلامية في الهند، التي طالبت جميع فروعها بجمع التبرعات، كما قامت بحملات إغاثية بالاشتراك مع جمعيات المجتمع الهندي، بينما يتم إعداد دراسة عن تكلفة إعادة ترميم المساجد والمدارس الإسلامية المتضررة.
المصدر : الجزيرة