السلطات الهندية تستغل كورونا لانتهاك حقوق سكان كشمير

لا تزال منطقة كشمير المقسمة بين الهند وباكستان تعاني في ظل حظر تجول بدأ قبل تفشي جائحة كورونا، وشملت التطورات الجارية في كشمير قمع الصحفيين وزيادة سلطات الشرطة، ويقول حقوقيون إن الحكومة الهندية تستغل الوباء لتسريع وتيرة سياساتها في المنطقة المتنازع عليها.

وفي مقاله بموقع "كونفيرذيشن" الأسترالي، قال الكاتب عمر الجازي، الأكاديمي المختص في دراسات الدين والأنثروبولجيا بجامعة تورنتو الكندية؛ إن آلاف الكشميريين يعيشون ضمن دائرة نصف قطرها عشرة آلاف كيلومتر من "خط السيطرة" بين مناطق نفوذ الهند وباكستان في كشمير، وهي منطقة شديدة العسكرة، لدرجة يمكن ملاحظتها بالتصوير الفضائي من أعلى.

وخلال السنوات الست الماضية، عمل الجازي باحثا على طول "خط السيطرة" الذي يقسم كشمير، وهو كذلك عضو في مجلس إدارة منظمة "كنديون من أجل السلام والعدالة في كشمير".

الحرب خلال الجائحة

ففي أبريل/ نيسان الماضي، نصب الجيش الهندي أسلحة مدفعية في قرى كشمير لإطلاق نيران بعيدة المدى على الجزء الخاضع لسيطرة باكستان من كشمير.

وأثارت تلك الإجراءات الذعر والقلق على نطاق واسع بين السكان المحليين، الذين احتجوا على وضع المدافع في مناطقهم واحتمال تعرضهم لقصف مضاد من الجانب الآخر، ويقول الجازي إن هذه الإستراتيجية الهندية لوضع الجنود والمدفعية في مناطق السكان المحليين متعمدة؛ ليصبح من الصعب على الجيش الباكستاني الرد بالمثل، ويرى أن عدم الفصل بين المناطق المدنية والوحدات العسكرية يرقى إلى مستوى جرائم الحرب.

ويتابع الجازي أن الجيش الهندي استخدم السكان المدنيين كدرع بشرية من قبل؛ ففي عام 2017 ظهرت لقطات لرجل كشميري مربوط بمركبة عسكرية تقوم بدورية في بلدة كشميرية.

ومع استمرار القوات الهندية والباكستانية في تبادل إطلاق النار، جرى رصد خسائر كبيرة في أرواح المدنيين والممتلكات على جانبي خط السيطرة، وأثناء تبادل إطلاق النار عبر الحدود تضطر العائلات إلى الاحتماء في المخابئ، وهي مساحات صغيرة مغلقة تجعل من المستحيل اتباع ممارسات التباعد الاجتماعي اللازمة لمواجهة جائحة كورونا.

وعلاوة على ذلك، تمنع الشرطة الأشخاص الذين يحاولون الفرار من قراهم أثناء القصف من المغادرة أثناء الحظر المطبق بسبب جائحة كورونا.

سور برلين في آسيا

ولا يشكل خط السيطرة -المعروف أيضًا باسم جدار برلين في آسيا- حدودا دولية معترفا بها قانونيا، لكن تم وضعه عام 1949 كإجراء مؤقت حتى يتم حل وضع كشمير بشكل نهائي.

وفي كتابها "جسد الضحية.. جسد المحارب"، أوضحت كابيري دي بيرج روبنسون، الأستاذة المساعدة في دراسات جنوب آسيا في جامعة واشنطن؛ أنه في السنوات السابقة كان خط السيطرة قابلا للاختراق ومَرِنا، ولكن فقط بعد اتفاقية سيملا عام 1972 أصبح مشابها لخط حدود فعلي لا يمكن النفاذ منه.

وفي الفترة من 1990-2003، خلال ذروة التمرد الكشميري، كان خط السيطرة موقعا لصراع شديد بين الجيشين الهندي والباكستاني، حيث أطلق الجيشان قذائف مدفعية وهاون بعيدة المدى على بعضهما البعض، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين وخسائر في الممتلكات، وحتى في الحيوانات والماشية، ورغم التوصل إلى وقف هش لإطلاق النار عام 2003، فإن المناوشات ظلت تندلع من دون سابق إنذار.

ويصعب توثيق عدد المدنيين الذين قتلوا على جانبي خط السيطرة، بالنظر إلى نقص الشفافية الحكومية، حسب الأكاديمي الكندي.

وتتولى مجموعة مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان مسؤولية مراقبة وقف إطلاق النار، وتُتهم الهند بمنع وصول فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان إلى خط السيطرة، وفي العام الجاري فقط ارتكبت الهند 882 انتهاكا لوقف إطلاق النار، حسب الجازي.

استغلال الجائحة

وبسبب نقص الخدمات الصحية وندرة المرافق الطبية والمستشفيات في مناطق النزاع، وعلى طول خط السيطرة، وتعليق الإنترنت والاتصالات في المنطقة؛ يتم منع العديد من الكشميريين من الوصول إلى معلومات الصحة العامة الضرورية واللازمة لمنع انتشار الجائحة.

وبالتزامن مع تفشي كورونا، وفي 31 مارس/آذار الماضي؛ سنت الهند تشريعات تمنح مواطنيها -الذين عاشوا في جامو وكشمير لمدة تزيد على 15 عاما- صفة مواطن محلي لتمكينهم من امتلاك الأراضي والإقامة والعمل في المنطقة، إضافة إلى تقلد المناصب العامة.

وكانت الهند أقرت في 5 أغسطس/آب الماضي إلغاء وضع الحكم الذاتي الخاص بمنطقة جامو وكشمير، وتقسيمها إلى إقليمين، وفرضت قيودا على التجول والاتصالات وقطعت الإنترنت.

ويهيمن القلق والخوف على سكان الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من جامو وكشمير، بعد التشريعات الأخيرة التي تمهد لغزو ديموغرافي للمنطقة من مختلف الولايات الهندية، في وقت ينشغل فيه العالم بمواجهة فيروس كورونا.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً