الإسلام في بنغلاديش (القسط الثاني)

تأليف : محمـد هـارون العـزيزى النـدوى

بعد القسط الأول

قدوم الصحابة إلى شيتاغونغ :

ومما يروى أن الإسلام دخل بنغلاديش زمن الصحابة رضي الله عنهم ثم انتشرت دعوة الإسلام فيها رويدا رويدا، كما كتب الأستاذ أبوالكلام آزاد في بعض كتاباته عن شيتاغونغ : أن هذا مكان توضأ فيه ركبنا ، (يعنى ركب الصحابة) ، في طريقهم إلى الصين .

وكتب بعض المؤرخين : أن الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة وعادوا إلى الحجاز لا توجد في قائمتهم أسماء بعضهم مثل أبى وقاص والد سعد رضي الله عنهما ، والأغلب أنهم سافروا إلى الصين للدعوة الإسلامية ، ولذلك لم يشتهر أبووقاص في قائمة الصحابة كما اشتهرابنه سعد ، والله أعلم .[1]

يقول ابن الأثير فى كتابه " أسد الغابة في معرفة الصحابة " عن الصحابي الجليل أبى وقاص والد سعد : " مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوى أبووقاص والد سعد بن أبى وقاص، أورده عبدان في الصحابة ، وقال : هو ممن خرج إلى أرض الحبشة ، لاتعلم له رواية ، هو ممن توفي في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخرجه أبوموسى وقال : لاأعلم أحدا وافق عبدان على ذلك.[2]

ومما لاشك فيه أن منطقة شيتاغونغ هي المنطقة الأولى التى بلغ فيها الإسلام وتشرف أهلها باستقبال التجارالعرب ودعاتها ، حتى تحولت بعض المناطق بجوار ميناء شيتاغونغ ، إلى مستعمرة المسلمين العرب في القرن الثامن والتاسع الميلادى وانتشرت دعوة الإسلام في وسط القرن العاشر في منطقة شيتاغونغ انتشارا واسعا.

يقول الدكتور حسن زمان في كتابه :

"إنه قدم عدد من الدعاة إلى هذا البلد في زمن خلافة عمربن الخطاب رضي الله عنه (13-14هـ)، وكان مأمون ومهيمن زعيميهم ، ثم قدم في نفس القرية وفد مكون من أربعة أعضاء لغرض تبليغ الإسلام وتوسيع نطاق الدعوة وهم حميد الدين وحسام الدين وعبد الله وأبوطالب ، وهكذا قدم خمس عصب من الدعاة بالتوالي إلى هذا البلد لنفس الغرض ، وكانوا لايحملون معهم كتابا ولاسلاحا كما أنهم لايبالون بأي دعم ملكي في مجال الدعوة والتبليغ .[3]

قائمة أسماء الصحابة والتابعين الذين قدموا إلى بنغلاديش:

وهنا أتحفكم أيها القراء قائمة أسماء الصحابة والتابعين الذين تفضلوا بقدومهم الميمون إلى بلدنا بنغلاديش . يقول اى كى ايم محى الدين : إن ما اكتشفته الدراسات الحديثة من أسماء الصحابة والتابعين الذين قدموا إلى بلدنا ، هى كما يلى :

الصحابة رضي الله عنهم :

(1) أبو وقاص مالك بن وهيب رضي الله عنه ، كان قائدا للوفد المكون من أربعة أعضاء من الصحابة الكرام الذين هاجروا إلى الحبشة أولا ثم منها إلى بلاد الصين لغرض تبليغ صوت الإسلام ونشر رسالته ، كان يسكن في ميناء كينتون الشهيرة في الصين ، وبنى مسجدا في " كوانتا ". وقرب المسجد يوجد قبره رضي الله عنه .

(2) تميم الأنصارى رضي الله عنه كان يقطن في مليبار (كيرالا ، الهند ) ، وتوفي هناك ، وهناك يوجد قبره رضي الله .

(3) قيس بن حذيفة رضي الله عنه .

(4) عروة بن أثاثة .

(5) أبوقيس بن حارثة .

التابعون :

(1) محمد مامون (2) محمد مهيمن (3) محمد أبوطالب (4) محمد مرتضى (5) محمد عبد الله (6) حميد الدين (7) حسام الدين .[4]

مصدر يدل على مجىء الإسـلام إلى بنغـلاديش زمن الصحابة :

لقد تم العثور أخيرا على مسجد أسس سنة 69 هجرية في منطقة " رنغبور" ، من أقدم مناطق بنغلاديش. حيث وجدت اللبنات المكتوب فيها كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، وتحت الكلمة مكتوب 69 يعني سنة التأسيس ، وهذا يدل على أن المسجد تم تأسيسه - على أغلب الظن بل شبه اليقين- بأيدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي زمنهم المبارك ، فإنهم انتشروا إلى آفاق البلاد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هناك مصدر يدل على قدوم الصحابة إلى هذا البلد عن طريق البحر ، ومن ثم ذهابهم إلى بلاد الصين ، ولقد توفي بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بلاد الصين ، ولهم هناك قبور تزار ، وحتى الآن معروف لدى الناس . فلعلهم جاءوا إلى هذا البلد لغرض تبليغ الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية ، وحينذاك بنوا هذا المسجد ، وهكذا كان المسلمون الأوائل يذهبون لدعوة الإسلام إلى بلاد ساشعة ويبنون هناك المساجد . ومن الممكن جدا أنه لما تقادم العهد وتباعد الزمان هاجر المسلمون من هذه المنطقة، وبسبب ذلك اختفى المسجد تدريجيا من أعين الناس بتقلبات الدهر وتغيرات الزمان ، ثم إن بنغلاديش -كما هو معلوم - أرض الفيضانات والطوفانات، فلايبعد هناك أن تختفي المعالم والآثار عن أعين الناس على فترات السنين . فلايعلم أحد اليوم منذ كم مدة كان هذا المسجد عامرا، وإلى كم مدة أخفاه الله عن أعين الناس تحت تل التراب . ومهما كان فالعثور على هذا المسجد بوجه يقينى يدل دلالة واضحة على دخول الإسلام إلى هذا البلد زمن الصحابة رضي الله عنهم ، وفي القرن الأول من القرون الإسلامية ، وأما كيف تم العثور على هذا المسجد المبارك وهذا الأثر القديم ، فتلك قصة طويلة أذكرها ههنا بالاختصار من مصدر معتمد عليه وموثوق به .

لقد قرأت تقريرا مفصلا عن هذا الموضوع الظريف المثير الانتباه للجهات الخاصة المعنية بالآثار القديمة ، التي نشرته جريدة " معين الإسلام " الشهرية البنغالية الغراء التى تصدرها أكبر الجامعات الإسلامية الأهلية في بنغلاديش " جامعة دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، شيتاغونغ " في عددها الصادر أكتوبر سنة 1999م ، وقام بكتابة التقرير رجل عاش القضية عن كثب ، وهو من سكان المناطق القريبة من القرية التى يقع فيها ذلك المسجد المبارك الذى أطلق عليه اسم " المسجد المفقود"، وهو الشيخ عبد الخالق جواردار، من أتقن الكتاب البنغاليين .

يقول الشيخ عبد الخالق جواردار في مقالته القيمة : " اسم الموضع "رام داس" واسم القرية " مجديرآرا" ، هناك أجمة كبيرة للخيزران ، وفي جانبها شبه غابة ، وفيها تل يرتفع 9 أو 10 قدما ، ولم يعرف أحد أن هذا التل كيف وجد ؟ وماهو تاريخ وجوده هنا؟ وفي تلك القرية سادت سكنات ثم بادت ، ولازال هذا الوضع سائدا ومستمرا في تلك القرية حتى اشترى رجل يسمى رحمة الله تلك الأجمة والغابة والتل وعقارات فيما حولها، سنة 1349 البنغالية ، وحيث أن الرجل لم يكن في حاجة إلى التل والغابة لم يلتفت إليها ، وهكذا مضت سنوات . وفي أواخر سنة 1986م أخذ مشروعا لإحياء تلك الغابة كارض للزراعة ، فبدأ العمال يسوونها بالمعاول ، فما مكثوا أن عثروا على أجزاء قبة مبنية مكسورة ، فتوخوا الحذر ، ولازالوا في هدم التل بكل حذر وحيطة كاملة ، حتى عثروا على بيت مبنى مكسور ، ولكنهم لم يعرفوا أنه كان مسجدا ، بل زعموا أنه يمكن أن يكون من القصور القديمة لعهد الملوك والإقطاعيين أو معابدهم . وبناء ا على هذه الفكرة بدأ أهل القرية يجلبون لبنات الجدران ، وهذه اللبنات التى بنى بها البيت طولها 7بوصة إلا ربع بوصة وعرضها 6 بوصة ونصف بوصة ، وكثافتها واحد ونصف بوصة ، وكانت أغلب هذه اللبنات مطروزة منقوشة مزخرفة . ومثل بقية الناس جلب صاحب الأرض حينذاك نواب علي لبنات كثيرة إلى بيته ، وذات يوم جعل ابنه أيوب علي يرتب وينظم تلك الللبنات المجلوبة إلى بيته ففاجأته لبنة ثقيلة شعربها وكأن بها شيء مكتوب فبادر إلى أنبوب الماء فدلكها وأزال مابها من تراب ، ونظفها وغسلها بالماء فظهرت جليا كلمة " لا إله إلا الله " ، وتحت الكلمة مكتوب بالأرقام العربية 69 سنة هجرية .

ثم أجرى " أيوب علي" التحقيق والتفتيش عن مكان المسجد مع رجال معتبرين من أهل القرية ، فاكتشفوا محراب المسجد ، فأيقنوا أنه كان مسجدا، ولكن الناس سلبوا الجدران الثلاثة ومابقي من مبنى المسجد إلا الجدار الأمامي ، ولما علموا أنه مسجد توقفوا وامتنعوا عن أخذ اللبنات وجلبها إلى بيوتهم ، فانتشر الخبر إلى أنحاء البلد ، فجاء صحفي جريدة " انقلاب " اليومية البنغالية الأخ مجيب الرحمن من كوري غرام ، فأخذ من أهالي القرية تلك الكتبة الحجرية التاريخية واعدا إرجاعها بعد تصويرها ، وهكذا طبع تقرير مع صورة الكتبة في الجريدة اليومية الآنفة الذكر في عددها الصادر 12/ يناير سنة 1987م . وهكذا كشف عن مسجد تاريخي قديم بني بأيدي الصحابة رضي الله عنهم في بنغلاديش.

مصادر عديدة تدل على قدم الإسـلام في البنغال :

قال الكاتب البنغالى الكبير الأديب الشهير مولانا محي الدين خان رحمه الله في مقالته "الإسلام في بنغلاديش: مصادر عديدة"، (باللغة البنغالية) المطبوعة في جريدته الغراء البنغالية الشهيرة الشهرية "مدينة ":

" لقد عثر على مسجد أسس سنة 169هـ في قرية من قرى " لال منيرهات " . كان هناك مسكن شامخ ذو أجمة على قرب من نهر " تيستا " في الجانب الشمالى . وكان ذلك المسكن معروفا باسم " مجديرآرا " ( غابة المجد ) ، ولما حفر هذا المسكن كشف عن ذلك المسجد ، ومما روى أنه قدم داعية إسلامى في بداية عهد الإسلام إلى هذا الموضع عن طريق " تيستا " ، وكان أتباعه يتدربون الرمي في ذلك الموضع ، ومن أجل ذلك سمى ذلك الموضع بعد باسم " تيريرغر" (بيت السهام) . وكانت وقعت حرب كبيرة بين أتباعه وبين الجمهور المحلية في شاطىء نهر " تيستا" ، ولم تبرد نار الحرب حتى أسفرت عن كثير من القتلى من الجانبين ، ولقد احمر ماء تيستا بدمائهم ، فمن أجل ذلك سمى " بانى لاليركهات " ( مورد الماء الأحمر) ، واليوم هو معروف فيما بين الناس باسم " باني لاليركهات " .[5]

قال المستر هاروى فى كتابه " تاريخ بورما" :

كانت توجد سلسلة من المساجد العجيبة الغريبة في مناطق سواحل البحر مابين آسام إلى ملايا ، قبل القرن العاشر الميلادي ، وكانت تسمى هذه المساجد باسم " بدر مقام ". [6]

وحتى الحين يوجد في كوكسبازار مسجد يحمل اسم " بدر مقام" ، وليس ببعيد أن تكون لهذا المسجد علاقة ما بتلك السلسلة التاريخية . والله أعلم .

بعض المواضع التى قدم إليها العرب حاملين الدعوة الإسلامية :

إذا تقلبنا صفحات التاريخ وحاولنا أن نعلم ماهى المواضع التى كان العرب يرتادونها من بنغلاديش كمنازل الطريق أوكمسكن مستقل ، وجدنا أسماء كثيرة من المدن القديمة والشهيرة لبنغلاديش ، وصل إليها العرب قبل الإسلام وبعده لغرض التجارة وتبليغ الإسلام . وهى : مثل شيتاغونغ ، وسلهت، وكوملا، وداكا، وسنارغاؤن، وكوكسبازار، وراجشاهى وغيرها.

وإليكم بيان بعض تلك المواضع على سبيل المثال:

شيتاغونغ :

قال الدكتور انعام الحق فى كتابه :

" حمل التجار العرب رسالة الإسلام إلى المناطق الساحلية لهذا البلد أمثال شيتاغونغ وداكا وغيرها فى أوائل القرن الثامن الميلادى ، قبل فتح اختيار الدين محمد بن بختيار الخلجى البنغال سنة 1201م بقرون . وأصبحت مدينة شيتاغونغ مستعمرة لتجار العرب منذ القرن الثامن والتاسع ، ولما أخذ الشعب والجمهور يعتنقون الدين الإسلامي الحنيف في شيتاغونغ والمناطق المجاورة لها في أواسط القرن العاشر، نتيجة لنفوذ التجار العرب وتأثير دعوتهم ، وطفق هذا الدين ينتشر فى ربوع هذا البلد وأبعاده ، غادر كثير من الدعاة والصوفية والمصلحين بلادهم من العرب وآسيا الوسطى إلى هذا البلد لغرض تبليغ الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية وتعميمها فى الناس فانتشروا فى مختلف مناطق البنغال الشرقية.[7]

وقال أيضا : " قدم العرب إلى شيتاغونغ والمناطق المجاورة لها في القرن الثامن لغرض التجارة ، وأقاموا فيها مستعمرات ، وتجولوا فى البلاد وأقاموا العلاقة التجارية مع المواطنين ، تشهد بذلك عملة عربية قديمة عثر عليها فى أطلال وأنقاض منتزه " سومفور" ( النـزهة البوذية ) بموضع " فهارفور " من مديرية راجشاهى . ضربت هذه العملة سنة 172هـ- 788م فى دار الضرب المسماة بـ" المحمدية " . زمن الخليفة العباسى هارون الرشيد ( 786م- 809م ). [8]

يقول السفير البرتغالى " جواى دى باروس" (joao de barros) :

" قدم شاب كريم مع مائة من أتباعه من جنوب العرب من جزيرة " عدن " (Aden) إلى شيتاغونغ قبل قدوم البرتغاليين إلى هذا البلد ، بنحو مائة سنة أو يزيد ، وكان البرتغاليون قدموا إلى هذا البلد سنة 1517 م . ولما وصل الشاب إلى هذه المنطقة تفطن لسوء نظام حكومتها وشعر بأنه لو أراد يستطيع التسلط على الحكومة واحتلالها ، ولكنه أخفى هذا السر وأكمنه في ضميره وأظهر نفسه كتاجر عربى ، ثم جاء من العرب بثلاثمائة آخرين من الأتباع ، فأصبح جميع أتباعه خمسمائة ، ثم أقام صلة عميقة ورابطة وثيقة مع مسلمي " غور" بواسطة أحد من رجال الحكومة بشيتاغونغ ، فساعده سلطان "غور" في فتح " أوديسا " فأقره السلطان رئيسا لحرسته الخاصة . وذات يوم قتل الشاب السلطان وقبض على عرش الحكومة ، واختلف المؤرخون في تعيين ذلك الشاب ، ولكن على حسب رأى (bloch mann) الملك الذى بينه باروس هو ، حسين شاه أو فيروزشاه الثانى .[9]

ولأجل أن العرب استوطنوا هذه المنطقة واختاروها مسكن حياتهم يوجد فى كثير من أسر البنغال وبيوتاتها المسلمة وخاصة فى مناطق شيتاغونغ أطفال تحمل خصائص العرب الجسمية ، كالأنف المحدب (convex) والعظم الوجني الطويل (high cheek bones) والأنوف المكلبة (hooks noses) والوجوه الهزيلة (narrow faces) وهذا هو التأسل والرجعي ، الذى هو معروف فى علم الحيوانات باسم (atavism) يعنى العودة إلى صفات الأسلاف التى ابتعدت عنها الأنسال السابقة .[10]

كوكسبازار :

وقال المؤرخ الدكتور عبد الرحيم في كتابه :

It is clear that the Arab visited the coastal regions of Bengal from the mouth of Meghna to Cox's Bazar and prized its commodities such as the fine cotton cloth (muslin) and aloe wood.

والمعنى ، من الواضح البين أن التجار العرب كانوا وصلوا في المناطق الساحلية عن طريق نهر " ميغنا " إلى " كوكسبازار" ، وكانوا يعدون ثياب هذا الموضع القطنية (مسلين) والأخشاب من الأشياء الثمينة .[11]

سنارغاؤن :

سنارغاؤن قرية منسية في نرائن غنج من مديرية داكا ، عاصمة بنغلاديش ، وكانت تسمى فى القديم " سبرنا غرام " ، كانت هذه القرية قبل عهد المغول مقر سلاطين البنغال المسلمين وعاصمة الحكام ، وكانت تعد من كبريات مدن البنغال إلى القرن الرابع عشر الميلادي ، وكانت ميناء ا كبيرا ، في الطريق البحرى لـ"جاوا وسماترا " ومرسى كبيرا لأوربا ، ومن هذا المكان كانت السفن الشرائية تتوارد ذهابا وإيابا من جزائر الهند ومصر والعراق. فتحها السلطان غياث الدين ايوز أحد خلفاء فاتح البنغال بختيار الخلجى مع البنغال الشرقية سنة 610هـ- 1214م ، وضمها إلى سلطة البنغال الغربية.[12]

لقد كانت " سنارغاؤن " بلغت إلى الذروة العليا من السمعة والشهرة، وكانت الثياب التى تصنع فى هذا البلد من " الململ" و "الخاصى" و"خاصة " و" المسلين" و" الشبنم" تعد من أحسن ثياب العالم لنفاستها وأناقتها ، وكانت شهيرة في الخط ، وصياغة الذهب والمسكوكات والفنون اللطيفة الأخرى مع كونها شهيرة للعلاقات التجارية.

ولما جاء رحالة القرن الرابع عشر الأفريقي ابن بطوطة إلى الهند لازال يسيح في أرض البنغال من سنة 1345م إلى 1346م ، وجاء إلى آسام عن طريق شط غاؤن (شيتاغونغ ) وقابل الشيخ الصوفي جلال الدين التبريزي في منطقة " سلهت "، ثم قدم من هناك إلى سنارغاؤن راكبا على السفينة ، ثم غادرها إلى جاوا وهو على باخرته .[13]

قال الدكتور جي وايس j. Wise:

"كانت سنارغاؤن تحمل شهرة كاملة في القرن الرابع عشر الميلادي لكونها مسستقرا ومقرا للعلماء الكرام والأعلام الأجلاء ، وأسلم الملك الشهير " راجه جيت " وسمى نفسه بجلال الدين ، ودعا الشيخ زاهد بن الشيخ نورقطب عالم حفيد العلامة علاء الحق الباند وي من سنارغاؤن ، ليعلمه العلوم الدينية فكان مأمورا بتعليم الملك المعارف الإسلامية والتعليمات الدينية كما كان مستشارا معتمدا للملك في الأمور النظامية .[14]

وغابات سنارغاؤن وأطلالها وأنقاضها تدل على وجود كثير من اللحافات والوسادات للدرويشين في تلك المنطقة ، وتشهد كتبات مسجد ملا هزبرخان ومسجد ملامبارك أن بانيهما كانا يلقبان بـ " ملك الأمراء " و " الوزراء " وقدوة الفقهاء والمحدثين ، وأسس مسجد ملا هزبر خان سنة 925هـ - 1519م ، ومسجد ملامبارك سنة 929هـ - 1523م .[15]

بدأ انحطاط سنارغاؤن سنة 1608م بأيدى العسكر المغولي ، وأقام المغول فيها ثكنة عسكرية ، وسموا المنطقة بـ"جهانكير نغر" انتماءا إلى سلطان الوقت الإمبراطور جهانكير ، وأصبحت عاصمة جديدة لولاية البنغال .[16]

وحينما انهزم حاكمها الأخير السلطان موسى خان سنة 1611م من إسلام خان والي البنغال من جانب الإمبراطور المغولي جهانكير، فقدت سنارغاؤن مكانتها العلمية والثقافية ومنـزلتها الأدبية وشخصيتها الجامعة ، ثم تسلط عليها قوم " مغ " بعد المغول فأفنت بقايا حضارتها ورواسب ثقافتها أيضا .[17]

وملخص القول ، أنه من الممكن أن نقول : إن بنغلاديش حظيت بدخول الإسلام إليها زمن الرعيل الأول من هذه الأمة ، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن علاقتها مع الإسلام قديمة قدم التاريخ الإسلامي . ففي القرن الأول الهجري وصل صوت الإسلام إلى هذا البلد وتعرف أهله بمبادىء الإسلام وتعاليمه. وهذا من فضل الله يؤتيه من يشاء.

اقرأ : القسط الأول

اقرأ : القسط الثالث

الكاتب : الباحث الإسلامي الأستاذ محمد هارون العزيزي الندوي – إمام وخطيب جامع عبد الله علي يتيم بمملكة البحرين

..........................................................



[1]- الأستاذ محمد سلطان ذوق الندوي: الدعوة الإسلامية ومنجزاتها فى بنغلاديش ، ص 3 ، مخطوط عام 1992م وعبد المنان طالب: الإسلام فى بنغلاديش.

[2] - ابن الأثير : أسد الغابة فى معرفة الصحابة ، ج4 ، ص 297 .

[3] - الموسوعة الإسلامية ( باللغة البنغالية ) المجلد الثانى ، الطبعة الثانية ، المؤسسة الإسلامية ، داكا ، بنغلاديش 1987م .

[4] -اى كى ايم محى الدين : الإسلام فى شيتاغونغ ، ص 22 ، طبع المؤسسة الإسلامية ، يونيو 1996م داكا، بنغلاديش.

[5] - مطيع الرحمن بونيا: تعقيب على مقالة الأستاذ محى الدين خان ، جريدة " مدينة " الغراء ، العدد الأول ، ابريل سنة 1992 م.

[6] - اى كى ايم محى الدين : الإسلام فى شيتاغونغ ، ص 20، طبع المؤسسة الإسلامية ، يونيو 1996م داكا، بنغلاديش.

[7] - الدكتور انعام الحق : الإسلام فى الباكستان الشرقية ، ص 16-20 ، الطبعة الثانية ، داكا ن سنة 1984م . غلام ثقلين : صوفية بنغلاديش ، ص 3 ، الطبعة الرابعة ن المؤسسة الإسلامية ، داكا، سنة 1987م .

[8] - المصدر السابق .

[9] - الدكتور ابن غلام صمد : الإسـلام في بنغلاديش ، ص 11، الطبعة الأولى ، المؤسسة الإسلامية ، داكا ، سنة 1987م .

h.Bloch Mann, contribution to the geography and history of Bengal, journal of Asiatic society of Bengal ''far'' 873 part 1, page, 287.

[10] - census of india, 1901, vol, v1 part 1, report page, 167.

[11] -Social and cultural history of Bengal, vol 11, karachi. 1967.

[12] - طبقات ناصرى : ص 163.

[13] - ابن بطوطة : تحفة النظار ، ج 4 ص 223، بيرس . وجدوناتهـ سركار : تاريخ بنغال ، ج2 ص 101 ، نشرته جامعة داكا ، . والدكتور محمد صغير معصومي : سنارغاؤن ( باللغة الأردية ) المعارف ، العدد الأول من المجلد 83 ص 65 ، سنة 1959 م .

[14] - جرنل آف رائل ايشياتك سوسائتى آف بنغال ، ج 43 ، ص 85 ،

j. wise notejon sunargaon, vide j. a . s . b . vol x, l 111, p. 87.

وابن بطوطة : تحفة النظار ص 125. والمعارف ، أعظم غره ، ص 71 المجلد 83 ، العدد1.

[15] - جرنل آف رائل ايشياتك سوسائتي آف بنغال ، ص 295 ، سنة 1873م ، النعارف ، المجلد 23 .

[16] - فيض أحمد الشهابي : العالم الإسلامى سنة 1990م ، ص 109، الطبعة الأولى ، إدارة المعارف ، المنصورة ، لاهور ، الباكستان .

[17] - الدكتور محمد صغير معصومي : سنارغاؤن ، المعارف ، ص 72 ، العدد 1 ، المجلد 83ن يناير سنة 1959م .