تفاقم الخلافات الداخلية في دولة باكستان بعد نتائج انتخابات عام 1970 والتي نالت فيها عصبة عوامي البنغالية الفوز بالأغلبية وهيأت لزعيمها شيخ مجيب الرحمن تشكيل الحكومة، فيما رفض الرئيس الباكستاني يحيى خان والطبقة السياسية في كراتشي انفراد مجيب الرحمن بهذه الحكومة خوفا من تطبيق برنامج النقاط الست الذي يرمي إلى انفصال باكستان الشرقية.
بعد فشل المفاوضات بين شيخ مجيب الرحمن والرئيس الباكستاني يحيى خان غادر الاخير دكا في 24 مارس/ آذار 1971، وبعد يوم واحد اعلن من كراتشي انطلاق حملة عسكرية للقضاء على ما وصفته السلطات الباكستانية بحركة التمرد في باكستان الشرقية، ولجأت الى القمع والبطش والاعتقالات.
وجراء ذلك خاضت بنغلاديش حرب التحرير البنغلاديشية ضد باكستان لتصبح دولة مستقلة، والتي أسفرت عن انفصال باكستان الشرقية عن جمهورية باكستان الإسلامية، وأنشأت دولة ذات سيادة اسمها بنغلاديش. الحرب دارت بين باكستان الشرقية والهند ضد باكستان الغربية (باكستان الآن)، واستمرت لمدة تسعة أشهر. كانت الحرب واحدة من أكثر الحروب عنفًا في القرن العشرين، وشهدت فظائع ورقعة قتال واسعة النطاق، ونزوح حوالي 10 ملايين لاجئ، ومقتل 3 ملايين شخص.
وفي16 ديسمبر 1971، وقع الفريق أول أمير عبد الله خان نيازي من القوات المسلحة الباكستانية الموجودة في شرق باكستان، وثيقة الاستسلام. كان هذه الوثيقة اتفاقًا كتابيًا مكون من استسلام القيادة الشرقية الباكستانية في حرب تحرير بنغلاديش، وانتهاء الحرب الباكستانية الهندية 1971 في المسرح الشرقي لباكستان.
فهذه بنغلاديش بلدنا الحبيبة، مساحتها 56000 ميل مربع، نال البنغالييون الاستقلال نتيجة دماء3 ملايين شهيد والاستقلال الذي نالته بنغلاديش كان نتيجة كفاح طويل ساهم فيه العلماء المسلمون مساهمة رائدة.
في حين أن زعماء الحرية مثل الداكتر جعفر الله وبطل البنغال قادر الصديقي وصادق حسين خوكا وغيرهم يحصلون على نصيبهم من الفضل والكمال، فإن المساهمة التي قدمها العلماء المسلمون في الكفاح للاستقلال في بنغلاديش يتم تجاهلها إلى حد كبير.
هناك العديد من الناس يزعمون أن للعلماء مساهمة سلبية في الحرب الواحدة والسبعين لتستر دورهم البارز منذ سنوات طويلة ويتصفون أصحاب القلانس واللحى بمناهضي الحرية.
إلا أن الكثير من محاربي التحرير يطيلون اللحى ويصلون وإننا نرى في العصر الحديث معظمهم يتركون اللحية ويؤدون الصلاة دائمين.
سنة 1971 عدد لا بأس به من علماء الشريعة لبنغلاديش وقفوا بجانب نضال التحرير والكثير منهم شاركوها مباشرين والكثير لم تسع لهم المشاركة فيها مباشرة بل مدوا أياديهم المساعدة تجاه محاربي الحرية سرا وشجعوا العوام على الثورة ضد الظلم والاضطهاد.
اليوم سنحكي لكم قصصا بطولية ومساهمات بارزة للعديد من علماء الشريعة لبنغلاديش الذين شاركوا في حرب الواحدة والسبعين وبذلوا قصارى جهدهم في نيل الاستقلال من باكستان الغربية.
مولانا عبد الرشيد تركوباغيش :
هذا العالم الجليل قاد نضال حرية البلاد مختبئا نفسه حوالي 243 يوما، جراء تحريضه على الثورة ضد الظلمة عدد كبير من الناس انضموا إلى حرب الاستقلال وقتئذ، نتيجة ذلك قام الجيش الباكستاني إضرام النيران في منازله وما فيها.
مولانا أبو الحسن الجاسوري :
كان مديرا لمدرسة محطة القطار الدينية، تلاميده دعموا نضال الحرية سنة 1971 وشاركوها بأنفسهم وأموالهم، نتيجة ذلك هاجمت القوات الباكستانية المسلحة على المدرسة وقتلوا 21 محاربا، واحد منهم عالم جليل مولانا حبيب الرحمن وخمسة من تلاميذه والقتلى الباقون محاربو الحرية الذين لجئوا إلى هناك، عقيب ذلك تم دفن هؤلاء بساحة المدرسة وفي ذلك الهجوم نجا مولانا أبو الحسن الجاسوري من المحاربين مصابا بالرصاص الحي بحسن حظه، بعد ذلك مات ذلك المحارب العالم سنة 1993 م في محافظة جاسور، وكان الشيخ أبو الحسن من خريجي دار العلوم ديوبند.
مولانا محمد قمر الزمان الجيشتي :
كان معروفا بمرشد منطقة جورين لدكا القديمة، لقد كتب الأديب البنغالي الشهير أنيس الحق في روايته تسمى بـ الأم إن أم أزاد صفية بيغوم أرسلت ابنها أزاد إلى نضال الحرية ضد قوات باكستان الغربية بأمر من مولانا محمد قمر الدين مرشد منطقة جورين، وكان الكثير من مريديه ثوار حرب الاستقلال وكان المرشد أيد ودعم الحرب ضد باكستان بصراحة.
العلامة محمد الله الحافظجي حضور :
من بداية حرب الاستقلال سنة 1971 م إلى نهايتها كان العلامة محمد الله الحافظجي مقيما بالجامعة القرآنية العربية لالباغ ودعم نضال إخوانه البنغاليين ضد الحكم الباكستاني.
أثناء الحرب سأله العديد من طلابه عن موقف الأستاذ نحو حرب الاستقلال، أجاب بكل وضاحة إن هذه النضال نضال المظلومين ضد الظلمة، فإن الباكستانيين ظلمة ونحن مظلومون، بعد تصريحات الشيخ هذه اشترك الكثير من علماء الشريعة في الحرب أداء لواجبات الوطن وصيانة لشرف النساء المضطهدات اللواتي محبوسات في أيدي العديد من قوات باكستان إشباعا لرغباتهم الجنسية، بعد أن نالت بنغلاديش الاستقلال شكر مؤسس البلاد الشيخ مجيب الرحمن العلامة محمد الله الحافظجي لمساهماتهم البارزة في تحرير الوطن.
شيخ الإسلام المفتي عميم الإحسان :
كان رئيس المحدثين في البلاد أثناء حرب الاستقلال العظيم سنة 1971 م، كان أفتى بتحريم عمليات قوات باكستان لأجل قتل البنغاليين واغتصاب النساء، عقيب ذلك أرسلته حكومة يحيى خان الباكستانية إلى المنفى في السعودية جبرا.
إثر الحصول على حرية الوطن من بطش النظام الباكستاني أرجعه الشيخ مجيب الرحمن من المملكة السعودية إلى البلاد وعينه في منصب الخطيب لمسجد بيت المكرم الوطني.
فخر البنغال العلامة تاج الإسلام :
كان مدير لأكبر جامعة دينية بمحافظة برهمن باريا وكان اسمها الجامعة اليونسية وكان يعرفه علماء الشرق الأوسط كعالم بارز في شبه القارة الهندية، عند حرب الواحدة والسبعين أفتى العلامة تاج الإسلام ضد قوات باكستان ونتيجة ذلك ثار الكبار من علماء الشريعة لمحافظة برهمن باريا ضد الاحتلال الباكستاني وحملوا الأسلحة تجاه القوات الأجنبية.
26 من مارس لقي إمام مسجد منطقة هاتيربول حتفه بإطلاق النار تجاهه من قبل الباكستانيين، وقبل ذلك كان الإمام لجأ إلى بيت العلامة تاج الإسلام كالمحاربين الآخرين، بعد تحرير البلاد كتب صديق البنغال الشيخ مجيب الرحمن رسالة شكر إلى فخر البنغال لدوره العظيم في نضال الاستقلال.
مولانا مستفيض من محافظة هاتيا مولانا سيد من شيتاغونغ ومولانا مقصود من محافظة صاغولنيا:
هم من أبرز المناضلين العلماء في حرب النجاة، استشهدوا برصاص قوات باكستان أثناء الدفاع عن الوطن.
شيخ الحديث العلامة عزيز الحق:
الذين حرضوا الأشخاص السياسيين في نضال الحرية لسنة واحدة والسبعين وتسعمائة وألف أبرزهم مجتمع العلماء، خصوصا شيخ الحديث العلامة عزيز الحق شجع شخصيا مؤسس الدولة الشيخ مجيب الرحمن على القيادة للقتال لأجل نيل الاستقلال
مولانا ارتاج علي القاسمبوري :
هذا العالم الجليل أبى أن يؤمم في بلاد محتلة ، لهذا السبب قتله الجيش الباكستاني بالرصاص الحي، ذكره الأديب البنغالي المعروف همايون أحمد في روايته التاريخية تسمى "قصة الليلة المقمرة والأم".
شهيد حرب الواحدة والسبعين العلامة دانش رحمه الله مدير الجامعة الإسلامية بوتيا:
أثناء الحرب الرئيس الأسبق الشهيد الجنرال ضياء الرحمن لجأ إلى الجامعة الإسلامية بوتيا، شيتاغونغ، فآواه مديرها العلامة دانش رحمه الله، وما لبث أن أدرك الجيش الباكستاني الأمر قصف الجامعة من الآليات العسكرية، ما سبب استشهاد العلامة دانش والكثير من أتباعه، ذكره ذلك بلال محمد من أبرز مؤسسي "منصة الإذاعة البنغالية الحرة" في صفحة 5455102 لكتابه "المسمى منصة الإذاعة البنغالية الحرة".
المرشد القاسمبوري رحمه الله :
كتب العقيد قمر الحسن المحارب لحرب التحرير في منطقة 2 في كتابه المسمى "المحاربون في الحرب الشامل" إن المرشد القاسمبوري من مركز شرطة مراد نغر لمحافظة كملا شارك في نضال الاستقلال بإيواء المحاربين في مقره.
العلامة إسحاق رحمه الله مرشد تشارموناي:
كتب العقيد قمر الحسن المحارب لحرب التحرير في منطقة 2 في كتابه المسمى "المحاربون في الحرب الشامل" إن العلامة إسحاق رحمه الله مرشد تشارموناي لمحافظة بريسال شارك في نضال الاستقلال بإيواء المحاربين في المدرسة التي أسسها بيده.
بالتأكيد كافح علماء الشريعة كثيرا لحرية بنغلاديش من الحكم الباكستاني التمييزي ما تشهده كل ذرة من البلاد، لكن تم التجاهل عليهم من المواطنين المسلمين البنغلاديشيين، حتى يتجاهل المسلمون دور العلماء أكثر مما يتجاهل الملحدون ألد الأعداء عنهم، لذلك من اللازم أن يتم بدء حملة للتوعية بتضحية العلماء البنغلاديشيين في تحرير البلد و لكن دور العلماء في تحريرها معظمه وراء الستار.