دور العلماء في حركة اللغة البنغالية وتنميتها

لغات العالم بأسرها من العطايا الخاصة والنعم الغنية من الله عز وجل قال تعالى في القرآن الكريم ” خلق الإنسان * علمه البيان” (سور الرحمن 3-4).

في الآيتين المذكورتين ذكر الله عز وجل تعليم اللغة لمعشر الإنسان مع خلقهم، فتدل الآية على أن المجتمع الإنساني غير فعال بدون اللغة وأن اللغة والإنسان يكمل أحدهما الآخر، في هذا الصدد أن البشر مختلفون عن الحيوانات الأخرى، فاللغات التي موجودة على بقاع الأرض من نعم الخالق العظيمة ولا بديل لها شيء.

فلذا ما من نبي أرسله الله إلى قوم من الأقوام إلا بعثه بلسان شعبه ومنطقته ونزّل الكتب السماوية حسب لغات مختلفة الأعراق والأجناس، قال الله عز وجل “وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم” (سورة إبراهيم  الآية 4)، فأهمية اللغة تدرك بتلك الآية.

وبالجملة أن أهمية كل اللغة والمحافظة عليها والتمارين المستمرة عليها من الأعمال الصالحة، حسب هذا البيان أن أهمية اللغة البنغالية والاعتناء بها في تمارينها تعد من الأفعال الطيبات.

فلذا الإهمال على اللغة البنغالية وعدم الاعتناء بها لا مجال له ويجب علينا أن نمكنها بجانب اللغة العربية التي لسان القرآن والحديث ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الجنة، فتعلمها من واجبات الجميع خاصة لبعض الأناس المتدينين المضحين بها حياتهم، كما قال الباحث المفخم في القرن والشخصية العظمية العلامة السيد أبو الحسن علي الندوي رحمه الله.

قال السيد الندوي رحمه الله إن التمارين العادية على اللغة البنغالية ليست بكافية، يجب للبعض أن يبذلوا قصارى جهدهم في توعيتها واستيعابها للحصول على زمام السيطرة عليها،  والذين لا يتصفون بصفات منزهة عن الأفكار والآراء والحياةوالحياة والخلق الرذيلة السيئة بل هم مصابون بالعقائد الفاسدة قد شوهوا الدين بنفس تلك اللغة ويشيعون الأفكار المسمومة بها.

وقال فلذا يجب أن يكون هناك رجال يملكون المثال الأعلى والذوق السليم والأفكار العالية ويشغلون أنفسهم في جهد بالغ مميت لإنشاء الحيوية والروحانية والروح في اللغة البنغالية ويعتنون بها اعتناء صائبا، ويجب أن نرفض قول من يزعمون إن ممارسة اللغة البنغالية وآدابها عديمة الثواب وكل الثواب تحتضن اللغة العربية فقط، هذا الفكر جهل تماما، مضيفا “لا تتركوا اللغة البنغالية وآدابها تحت رحمة مناهضي الإسلام ولن يُصبَر على قراءة ما يكتبونها” ( مقتطفات ما ألقاها السيد الندوي في مؤتمر يضم العلماء والمفكرين والطلاب والأساتذة في رحاب الجامعة الإمدادية كشورغنج 14 مارس 1984 )

ولكن من المؤسف منذ زمن طويل كانت تلك اللغة التي خلقها الله عرضة للإمهال من قبل المسلمين وكانت سيطرت عليها أيادي أكابر الهندوس واستخدموها في مدح أصنامهم واستعملوها في التمييز العنصري والطائفي.

ولم تشاهد حياة الإسلام والمسلمين في أي من الرواية والنثر والنظم باللغة البنغالية الأدبية وقتئذ.

لكن سنة 1947 لما تأسست باكستان ظهر شمس الأمل بأيدي المسلمين وعلمائهم في ترقية اللغة البنغالية وتثمينهم وبدأوا أن يعتنوا بها اعتناء فائقا.

نتيجة ذلك لما شرعت اللغة البنغالية تنهض من جديد بللمسات الواسعة للمسلمين وعلمائهم سيطر على أذهان حكام باكستان فكرة إجبار استخدام لغة قوم على قوم آخر.

حينئذ ثار الشباب البنغاليون وتلونت شوارع دكا بدمائهم الحارة وظهرت أمواج الاحتجاجات في الرياح وانتشرت أشعة نار الحركة في كل النواحي واشترك في حركة اللغة هذه العلماء المواعين ومن أبرز أسماء العلماء المشتركين مولانا أطهر علي رحمه الله.

حسب الأدله التاريخية انعقد اجتماع بارز لجمعية علماء المسلمين لفرع باكستان الشرقية بمنطقة حضرت نغر التابعة لمحافظة كشورغنج 18، 19 و20 مارس سنة 1952، اشترك هناك العلماء من كل أوساط المجتمع طواعية، وكان رأس ذلك الاجتماع مولانا أطهر علي رحمه الله.

ثم اتخذت هناك بعض الاقتراحات والمطالبات ومن بينها في البند الرابع * ” تطالب جمعية علماء المسلمين لفرع باكستان الشرقية بجد وعزم لدى المجلس العام لباكستان اتخاذ اللغة البنغالية من أبرز اللغات الرسمية لباكستان المتحدة”.

كذلك اقترح العلامة أطهر علي دمج جعل اللغة البنغالية كلغة رسمية مع الأردية في أصول جمعية نظام الإسلام لفرع باكستان الغربية وبالجملة كان الشيخ أول من اقترح جعل اللغة البنغالية كلغة رسمية من كل جزء لباكستان، وقتئذ كان أسس موتمر المدارس القومية لتكوين طلابها مهرة في اللغة البنغالية.

كان العلامة أطهر علي مديرا للجامعة الإمدادية كشورغنج وحينئذ عين بعض الأساتذة المتخصصين في البنغالية ليعلموها طلبة العلم، عندما سمعه العلماء الآخرون زعم بعضهم أن الشيخ فهل يحوّل الجامعة الإمدادية إلى كلية حكومية؟ وقتئذ كان يصدر الشيخ تحت إشرافه عددا من المجلات البنغالية على الدوام.

أبرزها صحيفة نوبوجات اليومية، صحيفة نظام الإسلام الأسبوعية ومجلة المنادي الشهرية.

هناك أسماء أخرى تتلألأ في سماء عالم اللغة البنغالية من علماء بنغلاديش هم العلامة شمس الحق الفريدبوري أديب بنغالي عديم المثال وشيخ الحديث العلامة عزيز الحق ومولانا محي الدين خان رحمهم الله.

مؤلفات بنغالية أدبية للعلامة شمس الحق الفريدبوري كثيرة ومتنوعة لامعة، اشتهر بتهانوي بنغلاديش بعد أن ترجم بهشتي زيور وتفسير الحقاني لشيخ الإسلام أشرف علي التهانوي باللغة البنغالية الفصيحة وتمهر في يده الزكية في مجال اللغة البنغالية شيخ الحديث العلامة عزير الحق رحمه الله.

إن ترجمة صحيح البخاري لشيح الحديث العلامة عزيز الحق في عشرة مجلدات تحفة نادرة ثمينة في ساحة اللغة البنغالية، انتفع بها عشرات الآلاف من العوام والخواص في بنغلاديش وينتفعون.

مجلتا نعمت ورحماني بيغام الشهريتان اللتان أسسهما ذينك العلمان لا تزالان تنشران نور الإسلام والإيمان في بقاع بنغلاديش بين مواطنيها البنغاليين.

وشخصية أخرى في ساحة اللغة البنغالية من العلماء العلامة محي الدين خان رحمه الله، عرفه الناس بمجلته اسمها مجلة المدينة الشهرية بالبنغالية،

وقد ذاع صيته ونبه ذكره عندما ترجم تفسير معارف القرآن وعدا ذلك أسس مجلة مسلم جهان الأسبوعية الشعبية وألف واعتنى حوالي 105 كتابا ما شهده التاريخ وأوصله إلى ذروة الشخصيات العظمية في اللغة البنغالية.

ومن أبرز الأدباء البنغاليين من العلماء في بنغلاديش على سبيل التمثيل :

* مولانا ابو طاهر المصباح الذي ألف كتبا كثيرة باللغة البنغالية الفصحى الأدبية وانتفع بها العوام والخواص والعلماء والطلاب.

* مولانا كي إم فضل الرحمة منشئ من أشهر كتاب البنغاليين من العلماء.

* مولانا الشاعر روح الأمين الذي قام بترجمة العديد من كتب الأشعار إلى البنغالية واعترفت بمهارتها المؤسسات الحكومية الشهيرة.

* مولانا خالد سيف الله الصديقي أمهر العلماء في الادب البنغالي.

* مولانا عبيد الرحمن خان الندوي مساعد التحرير لجريدة الإنقلاب اليومية البنغالية.

* مولانا صفي الله فؤاد أستاذ الآلاف من الطلبة ورائد اللغة البنغالية والكبيرة في ربوع بنغلاديش.

* مولانا لياقت علي مصنف العديد من الكتب الهامة وأدبب بنغالي من العلماء

* مولانا أبو الحسن عبد الله اشتهر بكتابة المقالات الفقهية باللغة البنغالية

* مولانا آ فو مو خالد مفكر عالم كبير وأديب بارز بنغالي.

* مولانا زين العابدين معلم الكثير من الأدباء البنغاليين الجدد ونجم متلألي في اللغة البنغالية

* مولانا مأمون الحق خطيب وسياسي ومحاضر ومحدث ومؤلف ومناظر وأديب بنغالي من العلماء

* مولانا شريف محمد مساعد التحرير السابق لجريدة أمارديش ورئيس التحرير لجريدة إسلام تايمز.

* مولانا لبيب عبد الله ومولانا ظهير الدين بابر أديبان شابان في اللغة البنغالية من العلماء.