الإمام شرف الدين أبو توامة رحمه الله، اسم متلألئ لعلم الأمة الذي قام بدور فعال في نشر الإسلام والعلوم الدينية بشبه القارة الهندية، أضاء بنغلاديش هذه خاصة في القرن السابع الهجري تاركا وراءه مسقط رأسه الذي يبعد آلاف كيلومتر من أرض الهجرة.
تقريبا سنة 668 من الهجرة (1277 م) اتجه إلى دهلي قاصدا نشر الأسلام، وقتئذ كان السلطان غياث الدين بلبون حاكم هذه المدن الهندية الشاسعة التي تضم شبه القارة الهندية، سنة 1278 وضع الإمام شرف الدين قدمه على مناطق بنغلا الخضراء الخلابة ( حاليا بنغلاديش ) جراء طلب خاص من قبل الملك غياث الدين هدفا إلى إشاعة نور الدين الحنيف، عكف نفسه في تبليغ الدين بمدينة سنارغاو عاصمة آنذاك لمناطق بنغلا الشاسعة وأنشأ هناك مدرسة كبيرة و مكتبة غنية و مزودة بكتب متنوعة.
حسب رواية التاريخيين أن تلك المدرسة كانت أول مدرسة دينية في شبه القارة الهندية لدراسة كتب الأحاديث النبوية، في وقت طفيف ذاع صيت المدرسة أنحاء مختلفة، كان الطلاب من كل فج عميق من دهلي حتى من سرهند يوفضون هناك للحصول على العلوم الدينية وعلوم الأحاديث النبوية، كان عدد الطلاب حينئذ لهذه المعهد العلمي عشرة آلاف والتقى جموع غفيرة من المحدثين الإمام شرف الدين أبا توامة.
كان الإمام شرف الدين أبو توامة مشتغلا في خدمة الإسلام والعلوم الدينية هناك، جنبا إلى جنب أسس فيها مقرا لتزكية نفوس العوام، كان شيخا صوفيا من السلسلة السهراوردية من أهل السنة والجماعة، ألف كتابا عن التصوف واسمه “منزل المقامات”.
عدا ذاك تم العثور على كتاب فارسي منظم اسمه نامه حق من مؤلفات الشيخ حول التقارير الفقهية التي ألقاها على الطلاب حين لآخر زمن التدريس، يضم الكتاب 180 شعرا، وسماه البعض مثنوي بنام حق، صدر ذلك الكتاب من مدينة بومبي سنة 1885 ومن مدينة كانبور سنة 1913، علم من مصادر أن مؤلفات الشيخ أبي توامة موجودة حاليا ككتب خطية بمتحف الوثائق البريطانية.
كان الشيخ شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري رحمه الله عالما شهيرا ومحدثا نبيلا بمدينة بِهار حصل على علوم الأحاديث النبوية في يد الشيخ شرف الدين أبي توامة مهاجرا من المنطقة البعيدة إلى مقر الأستاذ بسنارغاو عاصمة قديمة لبنغلا و صحبه زمنا طويلا حوالي 22 سنة وامتلأ بنور التزكية والإصلاح، ثم رجع إلى بلده.
خدم الشيخ أبو توامة الإسلام في مناطق البنغال خاصة بمدينة سنارغاو 23 سنة متتالية ثم انتقل إلى جوار ربه الكريم سنة 700 من الهجرة، والمدرسة الدينية التي أسسها كانت باقية فترة طويلة ولكنها أغلقت لاحقا لعدم الإشراف وتحولت يوما إلى مساكن للناس وكاد أن ينطمس اسم علم من أعلام الإسلام وغابت في التاريخ مدرسة شهيرة ولكن الآن يوجد العديد من آثارها من الأنقاض.
ومضت عليه 700 سنة وأصبحت نسية منسية ولكنها استيقظت فجأة في القرن العشرين عندما زارها وضريح الشيخ شرف الدين أبي توامة اديب وفسلفي إسلامي كبير في القرن العشرين السيد أبو الحسن علي الندوي 1984 من الميلاد بمدينة سنارغاو بنغلاديش وكتب تاريخ ذلك الشيخ الإمام المنسي في الكتاب.
و وجد السيد أبو الحسن علي الندوي في قلبه ألما شديدا عندما شاهد مدرسة الإمام المؤسسة تحولت إلى أنقاض لم يبق شيء لها إلا جدر متساقطة ولبن عتيقة رمادية وإن السيد أبا الحسن الندوي أول من عثر على ضريح الفقيد وأسس بجوار قبره معهدا علميا باسم مدرسة الشرف.
حاليا عندما يزور أحد قرية مغرابارا لمركز شرطة سنارغاو لمحافظة نارينغنج يشاهد هناك عمارة شهيرة شبه مكسورة تعرضت لعدم عناية وكذلك العديد من الجدر للمبنى فيها ثقب مربعة، يعتقد الباحثون أنه فيها كان الطلاب يضعون كتبهم.
ويشاهد الزوار أيضا سلما ذهب إلى نفق غير واسع من جهة شرقية للعمارة، يسميه المحليون “اندار كوتا” يعني النفق المظلم، هناك رواية أن الشيخ كان يتعبد هناك وحيدا.
فلغفلتنا قد ضاع مكانا مقدسا، فلذا على الحكومة ومجتمع العلماء أن يعتنوا به ويدخلوا هناك إصلاحات كي يعود ذلك المكان بكامل قوته ونشاطه من جديد إلى نشر التعاليم الإسلامية وثقافته وحضارته وزمن قدوم الآلاف من الطلاب لدراسة الأحاديث النبوية فيه.