شهدت بنغلاديش في الأيام الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في التوترات السياسية والاجتماعية، على خلفية مقتل المحامي الشاب سيف الإسلام عليف في مدينة شيتاغونغ، ما أثار موجة من الاحتجاجات القوية من قبل حركة “حفاظة الإسلام”. الحركة، التي تُعتبر من أبرز القوى الإسلامية في البلاد، اتهمت منظمة (ISKCON) إسكون بالوقوف خلف الحادث، ما دفعها إلى الدعوة للحد من نشاطاتها في بنغلاديش، مُؤكدة أن حملتها ليست ضد المجتمع الهندوسي بل ضد ما وصفته بالمؤامرات الخارجية التي تستهدف استقرار البلاد.
في تجمع حاشد أقيم بعد صلاة الجمعة أمام بوابة مسجد بيت المكرم الوطني في العاصمة دكا، شدد نايب أمير حركة “حفاظة الإسلام”، أحمد علي قاسمي، على أن هدف الحركة هو التصدي لما وصفه بـ “المؤامرات” التي تحاك ضد الأمة الإسلامية، مشيرًا إلى أن الحركة لم ولن تستهدف الهندوس في البلاد. وقال قاسمي: “نحن نقف إلى جانب إخواننا الهندوس في بنغلاديش، وما نقوم به ليس انتقادًا للطائفة الهندوسية، بل هو تحذير من الفتن التي تزرعها بعض القوى المحلية والأجنبية”.
وأضاف قاسمي أن “رابطة عوامي، التي تسعى للعودة إلى السلطة، قد ربطت نفسها بمنظمة إيسكون، ولكن الشعب البنغالي لن يسمح بذلك. لا مكان للفوضى في هذا البلد”. وأكد على أن حركة “حفاظة الإسلام” تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية، وأنها لن تسمح لأي جهة بزعزعة استقرار البلاد.
من جانبه، شدد الأمين العام المشترك لحركة “حفاظة الإسلام”، جنيد الحبيب، على أن الوصول إلى السلطة في بنغلاديش لا يمكن أن يتم عبر إرضاء الهند أو تنفيذ أجندات خارجية. وأضاف: “إن سياسة الاسترضاء لن تنجح في بلدنا. علينا أن نضع مصلحة بنغلاديش أولاً، ولن نسمح بأن تصبح بلادنا ساحة لتنفيذ مؤامرات دولية”.
ورفض الحبيب تبرير السياسة الهندية في المنطقة، مؤكدًا أن الهند تسعى إلى التدخل في شؤون بنغلاديش الداخلية من خلال دعم المنظمات التي تهدد استقرار البلاد.
أما نائب أمير الحركة، محي الدين رباني، فقد وصف منظمة إيسكون بأنها ليست مجرد منظمة دينية، بل هي جزء من “مؤامرة مسلحة” تهدف إلى إثارة الفتن في بنغلاديش. وأشار إلى أن الهند تدعم هذه المنظمة لأغراض سياسية، وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد أي جهة تسعى للتأثير على السياسة الداخلية لبنغلاديش.
في هذا السياق، أعلنت حركة ” حفاظة الإسلام ” في شيتاغونغ عن تنظيم مسيرة احتجاجية يوم الاثنين المقبل، متجهة نحو المفوضية العليا الهندية في المدينة. وصرح الأمين العام للحركة، المفتي هارون اظهار، أن المسيرة ستكون سلمية، حيث سيقوم المشاركون بتسليم مذكرة إلى المفوضية الهندية “من مسافة آمنة”، بهدف إرسال رسالة حازمة إلى الحكومة الهندية مفادها أن بنغلاديش لن تقبل أي تدخل في شؤونها.
وأوضح هارون اظهار أن “الهند وإسرائيل قد تآمرا معًا ضد الإسلام في بنغلاديش”، مؤكدًا أن الحركة لا تدخر جهدًا في مواجهة أي مؤامرات تستهدف أمن واستقرار البلاد. وأضاف أن حركة “حفاظة الإسلام” ستظل يقظة في مواجهة أي محاولات لتشويه الواقع وتضليل الرأي العام.
وفي تطور آخر، طالب هارون اظهار الحكومة البنغالية باتخاذ خطوات حاسمة ضد المنظمات التي تمارس العنف، داعيًا إلى فرض عقوبات مشددة على مرتكبي جريمة قتل المحامي سيف الإسلام عليف. كما دعا إلى حظر منظمة إيسكون وكل من يتعاون معها في تنفيذ أجندات تخدم المصالح الهندية.
تزامنًا مع هذه التطورات، شهدت مدينة شيتاغونغ اشتباكات محدودة بين مجموعتين من الناس في منطقة “باتارغاتا”، إثر تجمع بعض الأفراد أمام معبد “كاليباري”، مما أدى إلى توترات في المنطقة. ولكن قوات الشرطة والجيش تدخلت بسرعة وتمكنت من إعادة النظام إلى المدينة.
وعلى خلفية هذه الأحداث، خرجت دعوات من قبل بعض الأوساط الشعبية والسياسية لمراجعة العلاقات مع الهند، مع التأكيد على أن بنغلاديش يجب أن تحافظ على سيادتها الوطنية وأن ترفض أي محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية. وباتت تلك التوترات تمثل تحديًا كبيرًا للحكومة البنغالية في الحفاظ على استقرار البلاد، خاصة في هذا الوقت الحساس الذي تشهد فيه المنطقة صراعات سياسية ودينية مستمرة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الاحتجاجات في مختلف أرجاء بنغلاديش، يبدو أن العلاقة بين بنغلاديش والهند تمر بمرحلة من التوتر، وهو ما ينعكس على الداخل البنغلاديشي في ظل تحركات سياسية متباينة تسعى لتحقيق أهداف مختلفة، وسط مشهد مليء بالتحديات.