أبو صفوان
الإسلام دين الرحمة والعدالة، جاء ليُخرج البشرية من ظلمات الجهل والظلم إلى نور المعرفة والعدل. فقد كانت المرأة قبل الإسلام تعاني أشد المعاناة، تُعامل وكأنها سلعة تُباع وتُشترى، وتُحرَم من أبسط حقوقها الإنسانية، وبين طيات رسالته، أظهر الإسلام اهتمامًا خاصًا بالمرأة، فأنصفها بعد أن كانت مغبونة الحقوق، وجعلها شريكة في بناء المجتمع ومصدرًا للنور في الحياة. جاء الإسلام ليعيد للمرأة كرامتها، ويمنحها حقوقًا لم تكن تحلم بها، مؤكدًا بذلك إنسانيتها وكرامتها.
لقد ضمن الإسلام للمرأة حرية التفكير والتعبير، وحرية التملك والتصرف في مالها، وحرية اختيار الزوج، وحرية المشاركة في بناء المجتمع، كل ذلك في إطار من الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة بما يحقق التوازن الأسري والاجتماعي.
مكانة المرأة قبل الإسلام: معاناة وظلم
وضع المرأة في الجاهلية : قبل ظهور الإسلام، كانت المرأة تعاني من التهميش والاضطهاد. كانت تُعتبر عبئًا على الأسرة، وغالبًا ما تُدفن وهي حية خوفًا من العار أو الفقر. لم يكن لها حق في الميراث أو الملكية، وكانت مجرد تابع للرجل.
تحرير الإسلام للمرأة : جاء الإسلام ليغير هذا الوضع المظلم، حيث قال الله تعالى: }وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ- {التكوير: 8-9 وبذلك حرم الإسلام وأد البنات ورفع مكانة المرأة لتكون إنسانة كاملة الأهلية والحقوق.
حقوق المرأة في الإسلام
حق المرأة في التعليم :الإسلام جعل التعليم حقًا أساسيًا لكل من الرجل والمرأة. قال النبي ﷺ:”طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.” ومن الأمثلة البارزة على ذلك السيدة عائشة رضي الله عنها، التي كانت معلمة للأمة الإسلامية، ومرجعًا للعلماء والصحابة في أمور الدين.
حق المرأة في الملكية والتصرف في مالها : المرأة في الإسلام لها ذمة مالية مستقلة، وهي حرة في التصرف في أموالها دون تدخل أو وصاية من أحد. قال الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْن- النساء: 32. وهذا يعني أن للمرأة ذمة مالية مستقلة، ليست بحاجة إلى وصاية من أحد.
حق المرأة في اختيار الزوج : الإسلام أعطى المرأة الحق الكامل في اختيار شريك حياتها، وحرّم إكراهها على الزواج. قال النبي ﷺ: “لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن.”
حق المرأة في العمل : أجاز الإسلام للمرأة العمل شريطة ألا يتعارض مع واجباتها الأسرية، وألا يكون هناك اختلاط يفسد القيم والأخلاق.
حق المرأة في الميراث : أعطى الإسلام المرأة حقها في الميراث، ونصيبها يتحدد حسب درجة القرابة. قال تعالى} : لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ- {النساء: 7.
الإسلام يُوصي بحسن معاشرة المرأة : الإسلام أمر الرجال بالرفق واللطف مع المرأة، وأوصى بحسن معاشرتها. قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .النساء: 19 .كما قال النبي ﷺ: “استوصوا بالنساء خيرًا.” وهذا إن يدل على شيء فإنما يدل على تكريم الإسلام للمرأة وضمان حقوقها داخل الأسرة.
حرية المرأة داخل بيتها : المرأة في الإسلام ملكة في بيتها، تُدير شؤونه بحكمة وتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة.
- الأمومة: قال النبي ﷺ: “الجنة تحت أقدام الأمهات.”
- الشراكة الزوجية: المرأة شريكة زوجها، وليست مجرد خادمة في المنزل، وسماها زوجا، وأعلن وأنها والرجل في دين الله سواء، يقول الله سبحانه وتعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.
المرأة ودورها في المجتمع المسلم
في مجال التعليم : الإسلام شجّع المرأة على أن تكون معلمة ومربية للأجيال.
في مجال الاقتصاد : شاركت المرأة المسلمة في التجارة والأعمال الاقتصادية، مثل السيدة خديجة رضي الله عنها.
في مجال الإصلاح الاجتماعي : ساهمت المرأة المسلمة في نشر القيم والأخلاق في المجتمع، فإن المرأة الصالحة النواة الأولى للمجتمع المثالي.
أجر المرأة وثوابها في الإسلام : الإسلام جعل للمرأة أجرًا عظيمًا على ما تقوم به من أعمال.
ثواب الأمومة : قال النبي ﷺ: “إذا ماتت المرأة وهي حامل، كانت شهيدة.”
ثواب الزوجة الصالحة: قال النبي ﷺ: “إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة.”
دور المرأة في تكوين الجيل المثالي للمجتمع الإسلامي
الأم مدرسة الأجيال : المرأة المسلمة هي اللبنة الأساسية في تكوين الجيل المثالي. فهي المربية الأولى التي تغرس في أبنائها القيم الإسلامية والأخلاق السامية. قال الشاعر حافظ إبراهيم: “الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعبًا طيب الأعراق.” فقد شبّه حافظ إبراهيم الأمَ بالمدرسة التي إذا أُعدّت إعداداً جيداً من كافة النواحي التربوية والتعليمية كان نِتاجُها شعبٌ طيب الأعراق.
القدوة الحسنة : المرأة المسلمة من خلال سلوكها وأخلاقها تعد قدوة لأبنائها، فهي تعلمهم الصدق، والأمانة، والصبر.
التربية الإيمانية والعلمية : المرأة المسلمة تغرس في أبنائها حب القرآن والتمسك بالدين، كما تحرص على تعليمهم العلوم والمعارف.
بناء شخصية الأبناء : المرأة تلعب دورًا أساسيًا في بناء شخصية قوية ومستقلة للأبناء، وتعلمهم الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية.
دورها في بناء المجتمع : الأبناء الذين تربوا في حضن أم مسلمة صالحة، يصبحون أعضاء نافعين في المجتمع، يساهمون في بنائه وتقدمه.
مقارنة بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية
المرأة في المجتمع المسلم
- المرأة مصانة الحقوق.
- لها دور أساسي في بناء الأسرة.
- محمية من الاستغلال والإهانة.
- تتمتع بحقوقها الدينية والاجتماعية.
المرأة في المجتمع الغربي
- غالبًا ما تُعامل كسلعة إعلامية.
- تفتقد الحماية الأسرية.
- تتحمل أعباءً نفسية واجتماعية دون دعم.
- تسود الأنانية والاستغلال في العلاقات.
نماذج مشرقة من نساء الإسلام
السيدة خديجة بنت خويلد : كانت تاجرة ناجحة وزوجة محبة، دعمت النبي ﷺ بكل ما تملك.
السيدة عائشة بنت أبي بكر . عالمة وفقيهة، تعلمت على يد النبي ﷺ ونقلت العلم إلى الأمة.
نسيبة بنت كعب : كانت مثالًا للشجاعة في غزوة أحد، حيث دافعت عن النبي ﷺ.
المرأة المسلمة: محور الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي
- المرأة تلعب دورًا رئيسيًا في تربية الأجيال.
- تسهم في بناء مجتمع متماسك أخلاقيًا واجتماعيًا.
- تدعم زوجها معنويًا ونفسيًا.
الإسلام كرّم المرأة وحرّرها من قيود الجاهلية، وأعطاها حقوقها كاملة. حرية المرأة في الإسلام ليست حرية مطلقة بلا ضوابط، بل هي حرية مسؤولة تحميها وتحفظ كرامتها.
إن دور المرأة في تكوين الأجيال وبناء المجتمع الإسلامي المثالي لا يمكن الاستغناء عنه. على المسلمين اليوم أن يبرزوا هذا الدور العظيم ويحموا المرأة من أي محاولات للانتقاص من حقوقها أو تشويه صورتها.