أكد المستشار الديني في الحكومة الموقتة ببنغلاديش الدكتور أ.ف.م. خالد حسين في كلمته خلال حفلة في كوكس بازار أن ثورة يوليو ليست مجرد ذكرى، بل محطة تاريخية دفعت أمتنا إلى مواجهة قسوة الواقع واستشراف آفاق جديدة. مشددًا على أن نحو ألف شهيد ضحوا بأرواحهم، فيما عانى آخرون من إصابات أليمة، ليجعلوا من تضحياتهم منارة أمل لا ينبغي السماح بانطفائها.
الوحدة ضرورة ملحة
قال الدكتور خالد في الحفل الذي نظّمته جمعية خريجي مدرسة هاشيميا كامل الدينية بمدينة كوكس بازار : إن انقسام المجتمع المسلم إلى تيارات متعددة يمثل التحدي الأكبر الذي يواجهه اليوم. وأضاف: “ما أحوجنا إلى الوحدة؛ تلك القوة السحرية التي جعلت المسلمين في الماضي يقودون العالم بحكمة وعدل. لقد كان الانقسام بداية النهاية، وعلامة على تراجع قوتنا وانهيار حضارتنا.”
وأوضح أن الأمة الإسلامية اليوم، برغم تعدادها البالغ قرابة ملياري نسمة، تعاني من تشتت عميق انعكس على أوضاعها السياسية والاجتماعية، مشيرًا إلى أنه يمكن استعادة مكانتها إذا ما عززت مؤسساتها الدولية كمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، لتصبح أدوات فعّالة في خدمة الوحدة والتنمية.
الواقع المؤلم والمسار الضروري
تابع المستشار حديثه قائلًا: “دماء المسلمين تُراق في القدس وأراكان وسوريا ولبنان، والصراعات تحكم كل زاوية من زوايا العالم الإسلامي. أما هنا في بنغلاديش، فإن الاستقرار لا يزال يواجه تحديات جسيمة. ومع ذلك، تبقى الوحدة هي السبيل الوحيد لمواجهة هذه التحديات، شرط أن نتجاوز خلافاتنا ونعمل معًا من أجل بناء مستقبل مشرق.”
وأشار إلى أن 53 عامًا من الاستقلال لم تكن كافية لتحقيق الوحدة بين علماء الأمة، وهو ما اعتبره فرصة ضائعة لتشكيل تاريخ جديد. ودعا إلى التعلم من دروس الماضي، وتوحيد الصفوف لتحقيق طموحات المستقبل.
دروس من الماضي وإرادة المستقبل
استشهد الدكتور خالد بتجارب تاريخية مؤلمة، كاجتياح هولاكو خان لمدينة بغداد، الذي كان نتيجة مباشرة لانقسام المسلمين آنذاك. وقال: “لا تزال تلك الذكرى تذكرنا بأن قوتنا في وحدتنا، وأن تشتتنا هو بداية السقوط. اليوم، إذا توحّد المسلمون حقًا، يمكننا ليس فقط مواجهة أعدائنا، بل أيضًا تقديم نموذج جديد للعالم.”
وختم حديثه برسالة حازمة مفادها أن ثورة يوليو ليست نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة طويلة من النضال المستمر. وقال: “ما زال أمامنا الكثير من العمل. إذا استدعت الحاجة، فعلينا أن ننزل إلى الميدان مرة أخرى، لنحافظ على ما تحقق، ونبني عليه المزيد.”
التحديات أمام الحكومة والمجتمع
وفي ختام كلمته، أشاد الدكتور خالد بجهود الحكومة في مواجهة الأعمال التخريبية التي سعت إلى إعاقة مسار التنمية. وقال: “برغم محاولات التشويش والإعاقة، فإن الحكومة تواصل السير بثبات على طريق التقدم، وهي بحاجة إلى دعم الجميع لتحقيق أهدافها.”
الحفل، الذي ترأسه مولانا نظر الإسلام، شهد حضور شخصيات بارزة من بينها الأمين العام المساعد للجماعة الإسلامية مولانا محمد شاه جهان، ومحافظ المنطقة محمد صلاح الدين، وقائد الشرطة محمد رحمة الله، وعدد من الشخصيات المجتمعية والسياسية.
رسالة أمل وحشد قوى المستقبل
مثّل هذا اللقاء فرصة فريدة لتذكير الجميع بأن الثورة ليست مجرد أحداث من الماضي، بل روح تسري في الحاضر، وقوة تدفعنا نحو غدٍ أفضل. إنها دعوة للوحدة والعمل المشترك، من أجل بناء وطن يستحق التضحيات.