شهدت الساحة السياسية والاجتماعية في بنغلاديش تحولاً لافتًا في الآونة الأخيرة، حيث تم الإعلان عن تشكيل “لجنة المواطنين الوطنية” التي تضم لجان تمثيلية في أكثر من 130 مركزًا للشرطة وأوبازيلا (البلديات) في مختلف أنحاء البلاد. وهو ما يعكس تزايد الحراك الشعبي في المناطق المختلفة، حيث بلغ عدد أعضاء اللجان حتى الآن أكثر من 10 آلاف شخص، في إشارة قوية إلى تنامي الشعور العام بالتحرك نحو التغيير.
هذه الخطوة تأتي في إطار تحضير اللجنة لإطلاق حزب سياسي جديد، يُتوقع أن يُشكل قوة دافعة رئيسية للانتفاضة الشعبية في البلاد، ويُنتظر أن يكون له دور محوري في إعادة تشكيل المشهد السياسي البنغلاديشي في المستقبل القريب. وتولي اللجنة اهتمامًا خاصًا للشباب، حيث تم تعيين قادة شبان لتولي المناصب القيادية، مع تحديد سقف عمري للأعضاء لا يتجاوز 50 عامًا، بينما يُسمح في العاصمة دكا للأعضاء حتى سن 45 عامًا.
تُظهر اللجان التمثيلية التي تم تشكيلها تنوعًا واضحًا في المشاركين، حيث ضمت كوادر من مختلف التخصصات مثل المعلمين والمحاميين والكتّاب والأطباء والمهندسين. هذا التنوع يعكس اتساع قاعدة المشاركة الشعبية في هذه المبادرة، ويؤكد على أنها ليست مجرد حركة عابرة، بل مشروعًا يتسم بالجدية والعمق. ومن أبرز الملامح التي تميز هذه المبادرة انضمام عدد كبير من القيادات الشابة والطلاب البارزين من مختلف أنحاء البلاد، ما يعكس حجم التأييد الشعبي الواسع الذي تحظى به.
وإذا كانت هذه اللجان تُمثل بداية لتغيير سياسي جذري، فإنها في الوقت ذاته تشكل خطوة حاسمة في إشراك الشباب في صنع القرار وتعزيز الممارسات الديمقراطية. فالشباب الذين يشكلون شريحة كبيرة من أعضاء اللجان، يُعتبرون المحرك الأساسي لهذه التحولات، وسيسهمون بشكل بارز في صياغة السياسات المستقبلية للبلاد. تسعى اللجنة إلى تمكين هذه الفئة من الاضطلاع بدور حيوي في عملية التغيير، مع التأكيد على قيم الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.
وفي سياق موازٍ، تعزز الحركة الطلابية المناهضة للتمييز نشاطاتها في مختلف المناطق خارج العاصمة دكا، حيث تم تشكيل لجان في 18 مقاطعة و3 مدن وجامعة واحدة. هذا التعاون بين اللجنة والحركة الطلابية يشير إلى تنامي الدعم الشعبي لهذه المبادرة على مستوى واسع، ويسهم في تعزيز الوجود الشعبي في المدن والقرى على حد سواء.
يُتوقع أن تمهد هذه الجهود لتشكيل مرحلة جديدة من التعبئة السياسية والاجتماعية في بنغلاديش، وأن يكون لها تداعيات كبيرة على الحياة السياسية في البلاد، مع ما يُتوقع أن تحمله من تغييرات هامة في بنية النظام السياسي. هذا التحول المنتظر قد يكون نقطة تحول فارقة في تاريخ بنغلاديش، حيث يترقب المواطنون بفارغ الصبر ما سيحدث في الأشهر المقبلة.
إن المبادرة التي يقودها “لجنة المواطنين الوطنية” تفتح أفقًا جديدًا للتحولات السياسية والاجتماعية في بنغلاديش، في وقت يشهد فيه الشعب البنغلاديشي حالة من القلق والانتظار لما يحمله المستقبل من وعود وتحديات.