لاجئو الروهينغا في الهند: معركة التعليم وسط التهميش السياسي والمجتمعي

في أزقة ضيقة خاصة المكتظة شمال شرق دلهي، تتجلى معاناة عائلات الروهينغا التي تسعى جاهدة لمنح أطفالها حقهم في التعليم، في مواجهة عراقيل سياسية وإدارية باتت أشبه بعقبات مستعصية.

عائشة، طفلة لم تتجاوز السابعة من عمرها، تقف يوميًا أمام باب المدرسة وهي تلاحق أختها الكبرى أسماء بعينيها المليئتين بالأمل، لكنها تُحرم من فرصة الدراسة. والدها حسين أحمد، الذي فرّ مع عائلته من ميانمار هربًا من الاضطهاد عام 2017، يسرد قصة معاناته في تسجيل ابنته قائلًا: “قدّمت جميع الوثائق المطلوبة، بما فيها بطاقات المفوضية، لكن المدارس بدأت تطلب منا وثائق هندية، مثل بطاقة Aadhaar التي لا نملكها”.

أزمة تعليم تمتد جذورها إلى قرارات سياسية
ما يقرب من 40 عائلة من الروهينغا تعيش في مستعمرة خاجوري خاص منذ نزوحها عام 2017. وبحسب التقديرات، حُرم 17 طفلًا على الأقل من التسجيل المدرسي خلال العامين الماضيين، وهو وضع يتكرر في مناطق أخرى مثل ولاية هاريانا، حيث يُمنع الطلاب من متابعة دراستهم بعد الصف السابع.

وتتعاظم الأزمة في ظل عدم اعتراف السلطات الهندية بوثائق اللاجئين الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة، ما أدى إلى استبعادهم من حق التعليم. الهند، التي لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، تعتبر الروهينغا “أجانب غير شرعيين”، وهو توصيف يفاقم التحديات أمام هذه الأسر.

محاولات لإيجاد بدائل تعليمية
في ظل انسداد الأفق، لجأ المجتمع المحلي إلى حلول بديلة. محمد سيد، أحد اللاجئين، افتتح مدرسة صغيرة في غرفة مستأجرة لتوفير التعليم للأطفال. يقول سيد: “هؤلاء الأطفال يحلمون بمستقبل أفضل، لكنهم يُواجهون التمييز يوميًا بسبب هويتهم”.

مواجهة قضائية ودعوات لحماية التعليم
على الجانب القانوني، رفع المحامي أشوك أغاروال التماسًا أمام محكمة دلهي العليا لتسجيل أطفال الروهينغا في المدارس الحكومية، لكن المحكمة رفضت الطلب، معتبرة أن وضع اللاجئين يدخل ضمن اختصاص وزارة الداخلية. أغاروال، الذي يواصل نضاله القانوني، يؤكد أن الدستور الهندي يضمن التعليم كحق أساسي لكل طفل، بغض النظر عن وضع الجنسية.

تسييس القضية وتصاعد الخطاب المعادي
تزايدت المشاعر المناهضة للروهينغا في الهند، مدفوعة بخطابات سياسية تستهدف اللاجئين، سواء من الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة. هذا التسييس لقضية اللاجئين يثير قلق قادة المجتمع المدني، الذين يرون في ذلك تهديدًا إضافيًا لمستقبل هذه العائلات وأطفالها.

نظرة إلى المستقبل
في منزل عائلة أحمد، تتولى أسماء، الأخت الكبرى، تعليم أختها عائشة ما تستطيع من دروس بسيطة، في انتظار اليوم الذي تُفتح فيه أبواب المدارس أمامها. يقول أحمد: “لا أريد أن يُحكم على مستقبل ابنتي بالفشل بسبب أوراق أو سياسات، وسأواصل المحاولة حتى تنال حقها”.

رغم الظلم والتحديات، يظل لاجئو الروهينغا في الهند متمسكين بأملٍ ضعيف، بينما تتعلق أنظارهم بمستقبلٍ قد يحمل بصيصًا من العدالة التي طال انتظارها.