مأساة الروهينغا في مركز كوتوبالونج: ملاذ يتحول إلى مأساة إنسانية

تعد قصة مركز العبور في كوتوبالونج، الذي أنشأته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مثالًا مأساويًا على فشل النظام الدولي في توفير الحماية والكرامة لضحايا الاضطهاد. على الرغم من تصميمه كملاذ مؤقت للفارين من العنف والخطر، إلا أن الواقع في المركز يعكس صورة قاتمة من الإهمال، الفساد، وانعدام الأمان.

كان المركز بمثابة نقطة انطلاق لإعادة توطين لاجئي الروهينغا إلى دول ثالثة، إلا أن شهادات اللاجئين تُظهر عكس ذلك. يعيش العديد منهم في ظروف أشبه بالسجن المفتوح، محاصرين بين وعد الحماية وفشل الواقع.

الإهمال الأمني والتهديدات المستمرة

بالنسبة للاجئين مثل جيا رحمن، أحد شهود اغتيال رئيس جمعية أراكان روهينغا للسلام والصحة (ARSPH)، فإن الحياة في المركز تحولت إلى دائرة من التهديدات والمضايقات. تحدث رحمن عن فساد أفراد كتيبة الشرطة المسلحة (APBn)، الذين اتهمهم بابتزاز اللاجئين وتهديدهم بتلفيق قضايا جنائية إذا لم يدفعوا الرشاوى.

وأضاف: “يُسمح للبعض بالخروج من المركز بحرية، بينما يُعامل آخرون كالسجناء”. ولم تتوقف معاناة رحمن عند التهديدات الأمنية، بل شملت أيضًا انعدام التدخل الجاد من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رغم الإبلاغ عن هذه الانتهاكات.

حياة مؤقتة تتحول إلى إقامة دائمة

بينما كان من المفترض أن يكون المركز مكانًا مؤقتًا، بات العديد من سكانه محتجزين لسنوات دون وضوح بشأن مستقبلهم. قال أحد السكان: “نعيش هنا منذ أكثر من عامين، ولا توجد حلول طويلة الأمد تلوح في الأفق”.

هذا الوضع يفاقمه الحظر على حرية الحركة، ما جعل المركز أشبه بسجن مفتوح. ووصف أحد اللاجئين السابقين المركز بأنه “مكان يخنق كل أمل بالاستقلال أو حياة كريمة”.

ظروف معيشية متدهورة

تعكس الظروف المعيشية في المركز حجم الأزمة. الملاجئ مكتظة، والطعام المقدم غير كافٍ وغير ملائم ثقافيًا. الخدمات الطبية محدودة، ما يترك العائلات في مواجهة المخاطر دون دعم.

أوضح محمد قاسم، أحد اللاجئين السابقين الذي أُعيد توطينه، أن طفله لم يتلق العلاج الطبي المناسب بسبب القيود المفروضة داخل المركز.

فساد يفاقم المعاناة

يشتكي اللاجئون من انتشار الفساد داخل المركز، حيث يتم تقديم الأولوية في إعادة التوطين للأسر القادرة على دفع الرشاوى أو تلك التي لديها علاقات. وقال أحد السكان: “لا تزال الأسر الأكثر ضعفًا، بما في ذلك المسيحيين الروهينغا، تعاني وتنتظر الحل”.

دعوة للمساءلة

تُبرز مأساة مركز كوتوبالونج الحاجة الملحة إلى إصلاح النظام الدولي لحماية اللاجئين. دعا السكان المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تقديم إجابات واضحة بشأن مستقبلهم.

قال أحد السكان: “نريد معرفة ما إذا كان إعادة التوطين ممكنًا حتى نتمكن من التخطيط لمستقبل أطفالنا”.

بدون تدخل عاجل وإصلاح جذري، سيظل مركز كوتوبالونج رمزًا للوعود الدولية المكسورة، في حين تستمر معاناة اللاجئين في صمت.

لم تستجب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكتيبة الشرطة المسلحة لطلبات التعليق.