في واقعة أثارت استياء المؤرخين ومحبي التراث، تم هدم منزل الإمبراطور المغولي أورنغزيب، المعروف باسم “مبارك منزل”، بمدينة أغرا في الهند، وهو مبنى يحمل بصمة تاريخية تعود إلى القرن السابع عشر. ورغم إدراجه قبل ثلاثة أشهر فقط ضمن قائمة المواقع التراثية التي يجب الحفاظ عليها من قِبل قسم الآثار في ولاية أتر برديش، إلا أن يد الهدم طالت هذا الصرح العريق، ما فتح باب التساؤلات حول مصير الإرث الثقافي في الهند.
عملية هدم مثيرة للشبهات بحسب تقارير إعلامية محلية، زار مسؤولون حكوميون المنزل قبل أيام من الهدم، الذي تم تنفيذه في غضون ساعات وسط حضور مكثف للشرطة والإدارة المحلية. وأفاد سكان المنطقة أن أحد رجال الأعمال المتخصصين في الإنشاءات كان وراء عملية الهدم، بالتعاون مع أطراف حكومية، حيث أزيلت أنقاض المبنى باستخدام أكثر من مائة جرار، وسط تجاهل كامل لشكاوى الأهالي.
المعركة القانونية القادمة قال كابيل باجباي، أحد السكان المحليين، إن “نحو 70% من المبنى تم تدميره بالفعل رغم تقديمنا شكاوى متعددة للسلطات. لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء لوقف الكارثة”. وأضاف: “نحن الآن نخطط لرفع قضية في المحكمة العليا لحماية حقوقنا وحفظ هذا التراث من العبث”.
شواهد تاريخية تضيع تاريخ “مبارك منزل” يزخر بالأحداث، حيث بُني بعد انتصار أورنغزيب في معركة سامدرغاره، وفقًا لتقرير المؤرخ البريطاني أرشيبالد كامبل كارلايل عام 1871. وكان المبنى منزلًا لأورنجزيب ووالده شاهجهان، وكذلك أخيه سوجا. كما تم إعادة بنائه خلال الحقبة البريطانية، واستخدم كمقر للجمارك وإدارة الملح، ليعرف بعد ذلك باسم “تارا نيفاس” منذ عام 1902.
تصميم معماري فريد اشتهر المبنى بتصميمه المعماري الذي جمع بين الطرازين البريطاني والمغولي، حيث تميز بمآذن مزخرفة ومداخل مقوسة منخفضة، مما جعله شاهدًا على عبق التاريخ وجمال الهندسة.
ردود فعل غاضبة المؤرخ الاسكتلندي ويليام دالريمبل عبّر عن استيائه عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، واصفًا الهدم بأنه “عمل مدمر يُبرز الإهمال الإداري”. وأضاف: “هذا النوع من الاعتداءات على التراث هو السبب الرئيسي وراء تراجع السياحة في الهند”.
التحقيق مستمر من جانبه، قال أرفيند مالبا بانغاري، حاكم منطقة أغرا، إن السلطات بدأت تحقيقًا مشتركًا بين قسم الآثار وإدارة الإيرادات، وتم تكليف مساعد الحاكم بإعداد تقرير مفصل. وأكد أن “أي تدخل في الموقع سيُمنع حتى إشعار آخر”.
صرخة لإنقاذ التاريخ إن هدم “مبارك منزل” ليس مجرد إزالة لبناء قديم، بل هو خسارة جسيمة لجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والتاريخية للهند، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لحماية الإرث المتبقي قبل فوات الأوان.