الحكومة البنغلاديشية تطلق برنامجًا تاريخيًا لدعم الأئمة والمؤذنين

تسهيلات مالية جديدة تُنعش دور المساجد وتخفف معاناة العاملين فيها

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش عن برنامج لدعم الأئمة والمؤذنين وخدام المساجد ببدلات مالية شهرية، في مبادرة رحب بها علماء الدين ووصفوها بأنها تحول تاريخي سيترك أثرًا عميقًا في حياة آلاف العاملين في المساجد.

وأشار خطيب مسجد “بير ياميني” في دكا، المفتي عمران الباري سراج، إلى أهمية هذه الخطوة قائلاً: “إنها مبادرة إيجابية في وقت يعاني فيه الأئمة والعاملون في المساجد من أعباء الحياة المتزايدة. تقديم الحكومة لهذا الدعم يعكس اهتمامها بتحسين أوضاع هذه الفئة المهمة في المجتمع.” وأضاف أن معظم المساجد تعتمد على التبرعات المحلية، مما يجعل الدعم الحكومي ضرورة لتخفيف العبء على العاملين فيها.

وفي السياق نفسه، وصف خطيب المسجد المركزي “علامة جلال الدين الرومي” في شيتاغونغ، مولانا أبو أيمن، هذا القرار بأنه “خبر مفرح ومشجع”. لكنه شدد على ضرورة إعطاء الأولوية للأئمة في المناطق الريفية، الذين يعانون من تدني الأجور وعدم انتظامها، في حين يتمتع أئمة المدن غالبًا بفرص دخل إضافية. وأوضح: “بعض الأئمة في القرى لا يتقاضون أكثر من 3000 تاكا شهريًا، ومع ذلك تتأخر رواتبهم لأشهر.”

وحث المولانا أبو أيمن الحكومة على الإسراع في تنفيذ هذا البرنامج، قائلاً: “نظرًا لأننا لا نعلم مدى استمرار الحكومة المؤقتة، فمن الضروري ضمان تنفيذ هذا القرار في أسرع وقت لتأمين حقوق العاملين في المساجد.”

من جهته، دعا المفتي أبو بكر صديق، مدير مدرسة “الجامعة الإسلامية روضة العلوم” في ميربور، إلى توسيع نطاق الدعم الحكومي ليشمل علماء المدارس الدينية وطلابها، إلى جانب العاملين في المساجد. وقال: “كما تحظى الجامعات والمدارس الحكومية بالدعم، يجب أن يتلقى الأئمة والمؤذنون وخدام المساجد التسهيلات نفسها. كما ينبغي تقديم دعم دائم للمدرسين والطلاب المقيمين في المدارس الدينية.”

وأشار المفتي صديق إلى أن العلماء والأئمة كانوا ضحايا للتهميش على مدى عقود، قائلاً: “رغم مرور 53 عامًا على استقلال بنغلاديش، فإن هذه الفئة تعرضت للإقصاء المنهجي من برامج الدعم الحكومي، بينما استفاد معظم السكان من هذه التسهيلات.”

وأعلنت الحكومة أن المرحلة الأولى من البرنامج ستشمل 10% من المساجد، مع خطط لتوسيعه تدريجيًا ليشمل جميع المساجد في البلاد. وسيحصل الإمام على 5000 تاكا شهريًا، المؤذن على 4000 تاكا، والخادم على 3000 تاكا، إلى جانب إدراجهم في برامج الأمان الاجتماعي الحكومية.

ويشمل هذا البرنامج نحو 1.7 مليون شخص يعملون في أكثر من 350 ألف مسجد في بنغلاديش، مما يعكس التزام الحكومة بتحسين الظروف المعيشية للعاملين في هذا القطاع الحيوي. وتعد هذه المبادرة خطوة ملموسة نحو تقوية دور المساجد في المجتمع وضمان استقرار العاملين فيها.

ويترقب الجميع التنفيذ السريع لهذه المبادرة، التي قد تشكل نقلة نوعية في تعزيز التعاون بين الحكومة والمؤسسات الدينية، وتحقيق العدالة الاجتماعية لفئة طال انتظارها لدعم حقيقي يُحسن أوضاعها المعيشية.