في خطوة تُظهر تحولاً لافتًا نحو معالجة ملفات القمع السياسي، أعلن المستشار القانوني الدكتور آسف نظرول عن جهود جادة لإسقاط 2,500 قضية سياسية وحالات مضايقة، تم وصفها بأنها قضايا مفبركة رُفعت خلال خمسة عشر عامًا من حكم “رابطة عوامي”، التي وُصفت بالاستبدادية.
وخلال لقاء صحفي عقد يوم الثلاثاء في مقر الأمانة العامة، صرّح الدكتور نظرول أن الحكومة استطاعت تحديد هذه القضايا في 25 منطقة، وأن جميعها تحمل طابعًا سياسيًا تم استغلاله لإسكات المعارضين وترهيبهم. وأكد أن العمل جارٍ لإسقاط هذه القضايا بالكامل قبل حلول شهر فبراير المقبل.
وأوضح أن هذه القضايا طالت مئات الآلاف من المواطنين، متضمنة اتهامات عبثية ومدعين وهميين، بينما أُدرج في معظمها عدد كبير من الأفراد تحت مسمى “مجهولين”، مما يكشف عن غياب المصداقية وراء تلك الملفات. وأضاف أن بعض القضايا صيغت بطريقة تخدم أغراض السلطة، مستخدمة أساليب قانونية ملتوية لتبرير عمليات اعتقال وتعسف طالت الكثيرين دون وجه حق.
وفي سياق آخر، أشار المستشار القانوني إلى أن الجهود لا تقتصر على إسقاط القضايا ذات الطابع السياسي فقط، بل تشمل أيضًا القضايا المرفوعة بموجب قوانين مثيرة للجدل، مثل قانون الأمن السيبراني. وأكد أن الحكومة بدأت بالفعل في إسقاط عدد كبير من هذه القضايا، مع خطة لاستكمال العملية تدريجيًا لضمان تحقيق العدالة واستعادة الحقوق المنتهكة.
وشرح الدكتور آسف نظرول أن عملية تحديد القضايا المسيّسة تمت بناءً على عدة معايير، أهمها أن تكون القضية مرفوعة من قبل أجهزة أمنية دون وجود دلائل واضحة، أو أن تكون مسجلة بموجب قوانين شديدة الصرامة مثل قوانين المتفجرات والأسلحة، التي غالبًا ما تُستخدم كغطاء قانوني للتضييق على المعارضة. كما تضمنت هذه المعايير مراجعة القضايا التي احتوت على أعداد كبيرة من المتهمين المجهولين، بالإضافة إلى القضايا التي رُفعت خلال فترات الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة أو بالتزامن مع الانتخابات، التي أثارت جدلاً واسعًا حول نزاهتها.
المستشار أكد في ختام حديثه أن هذه الجهود ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي جزء من رؤية أوسع لبناء مناخ سياسي يتسم بالشفافية والعدالة، بعيدًا عن سياسات الترهيب والقمع. وأضاف أن هذه المبادرة تهدف إلى تصحيح أخطاء الماضي، وتعزيز الثقة بين الدولة والشعب، وخلق بيئة سياسية عادلة تُعيد للجميع حقوقهم، دون أن يكون الخوف حاضراً في حياة المواطنين.
وفي ضوء هذه الجهود، تضع الحكومة على عاتقها مسؤولية إنهاء إرث القمع الذي عانت منه البلاد، تمهيدًا لحقبة جديدة من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهي رسالة تأمل الحكومة إيصالها للعالم بأن العدالة يمكن أن تُصان حتى بعد سنوات من التجاوزات.