علاقات بنغلاديش وباكستان تشهد انتعاشًا تاريخيًا وآمال بتجارة تصل إلى 3 مليارات دولار

زيارات رفيعة المستوى واتفاقيات اقتصادية تعيد تشكيل مستقبل التعاون بين البلدين

في تطور سياسي واقتصادي بارز، تتجه العلاقات بين بنغلاديش وباكستان نحو مرحلة جديدة من التقارب والدفء، وسط توقعات بارتفاع حجم التجارة السنوية بين البلدين إلى 3 مليارات دولار خلال عام واحد، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالحجم الحالي البالغ 700 مليون دولار فقط.

هذا التحول جاء بعد سقوط حكومة رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، التي ارتبطت فترة حكمها بتوترات حادة مع إسلام أباد، خصوصًا خلال ولايتها الثالثة التي بدأت عام 2014. ووفقًا لمحللين، فإن التغيير السياسي في دكا أتاح الفرصة لإعادة النظر في العلاقات الثنائية، ما أسفر عن سلسلة من الخطوات الإيجابية بين الطرفين.

خلال العام الماضي، شهدت العلاقات تحركًا لافتًا تمثل في لقاءين جمعا بين رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش الدكتور محمد يونس ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في مناسبات دولية. وفي يناير الجاري، قام اللواء إس إم قمر الحسن، أحد كبار القادة العسكريين البنغلاديشيين، بزيارة إلى إسلام أباد، حيث التقى قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، مما يشير إلى انفتاح جديد في العلاقات العسكرية.

ولم تقتصر التحركات على الجانب السياسي فقط، إذ زار وفد رفيع المستوى من “اتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستاني” دكا الأسبوع الماضي، في أول زيارة من نوعها منذ عقد. والتقى الوفد بعدد من المسؤولين البنغلاديشيين، بينهم وزير التجارة ورؤساء غرف تجارية، وأسفر اللقاء عن توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس أعمال مشترك. كما دعا الوفد إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي.

وفي سياق آخر، أكد نائب رئيس الاتحاد الباكستاني، سكيب فياض ماغون، أن بنغلاديش أبدت اهتمامًا كبيرًا باستيراد المنتجات الباكستانية لسد احتياجاتها في العديد من القطاعات، مشيرًا إلى أن دكا طلبت مؤخرًا 50 ألف طن من الأرز و25 ألف طن من السكر من باكستان، مع إمكانية استيراد التمور قريبًا. وأضاف أن السوق البنغلاديشي يفتح أبوابه الآن أمام المنتجات الباكستانية، وهو تحول لم يكن ممكنًا في ظل الحكومة السابقة.

التحركات التجارية ترافقت مع تحسن في البنية التحتية اللوجستية، حيث يتم الآن إعادة تفعيل الطريق البحري بين شيتاغونغ وكراتشي، المغلق منذ 52 عامًا، ما سيسهل التجارة بين البلدين ويتيح تسيير رحلات بحرية للركاب. كما يناقش الطرفان إمكانية استئناف الرحلات الجوية المباشرة، التي توقفت منذ عام 2018.

وفي خطوة أخرى لافتة، أعلنت السفارة البنغلاديشية في باكستان عن تسهيلات جديدة للحصول على التأشيرات للمواطنين الباكستانيين، وهي مبادرة وصفها مسؤولون بأنها تقدم كبير في العلاقات الثنائية.

السفير الباكستاني السابق لدى بنغلاديش، رفيع الدين صديقي، الذي شغل منصبه بين عامي 2016 و2018، أشار إلى أن فترة حكم الشيخة حسينة كانت الأكثر توترًا في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث كان الحصول على تأشيرة دخول إلى بنغلاديش شبه مستحيل بالنسبة للباكستانيين. وأكد أن الخطوات الحالية تمثل نقطة تحول جوهرية في مسار التعاون بين البلدين.

يرى خبراء أن هذا التقارب يعكس رغبة حقيقية من الجانبين في تجاوز خلافات الماضي وتطوير شراكة استراتيجية تخدم مصالحهما المشتركة، وسط تفاؤل بأن تكون هذه المبادرات بداية حقبة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي.