مَزَايا للانتخاباتِ البَرْلَمَانِيّة الحاديةَ عشرةَ البنغلاديشيةِ : كما يراها الاستاذ صفي الله فؤاد والصحفي كمال أحمد

مَزَايا للانتخاباتِ البَرْلَمَانِيّة الحاديةَ عشرةَ البنغلاديشيةِ

​المترجم : بقلم الاستاذ صفيّ الله فؤاد عفا الله عنه 

مقالةٌ صَدَرتِ اليومَ (21 من ربيع الثاني/29 من دِيسِمْبِر) في جريدة «بُرُوْتَمْ أَلُوْ» (النور الأول) البنغالية وَدِدْتُ أن أسجِّلها في يومية اليوم مترجِمًا باللغة العربية اعتقادًا مني أن الجِيْل القادم يستطيع أن يُدْرك بها طبيعةَ الانتخاباتِ البَرْلَمَانِيّة المُزْمَعِ جَرَيَانُها غدًا الأحدَ (22 من ربيع الثاني/30 من دِيسِمبِر)، وأن هذا الإدراك يَكشِف لهم النِّقَابَ عن جوانبَ سوف يحتاجون إليها في قادِم الأيام في العمل في هذه البلاد. والله سبحانه وتعالى هو المسؤول أن يجعل سَعْيي هذا خالصا لوجهه الكريم ونافِعًا للعباد والبلاد، آمين يا ربي مُجِيبَ الدعاء!

وعنوان المقال الذي وضَعَه كاتبُه هو «لم يَشهد أحد مثل هذه الانتخابات على الإطلاق»، وعنوانُه عندي «مَزَايا للانتخاباتِ البَرْلَمَانِيّة الحاديةَ عشرةَ البنغلاديشيةِ»، واسم الكاتب كمال أحمد، وهو صُحُفِيٌّ بنغاليّ، وها هو المقال :

قال بعض زعماء حزب «رابطة العَوَامّ» : إنّ انتخابات هذه السنة نَشَأت فيها لحزبنا حَرَكةٌ جَمَاهِيرِيّة كما كانت قد نشأت في السَّبْعِينات، وبالمُقَابِل من هذا قال المُنَافِس الرئيس في هذه الانتخابات زعيم «الجَبْهَة المُتَّحِدة الوطنية» الدُّكتور كمال حسين : لم أَرَ قط مثل هذه الانتخابات في حياتي السياسية منذ أكثر من 50 (خمسين) عامًا. وهناك تشابُهٌ بين حِسَابات الطَّرْفَين، ونرى أنه لا يُمْكن العُثُور على رجل واحد داخِلَ البلادِ شاهَدَ مثل هذه الانتخابات. وقد قام الكثير من الناس بالفعل بمُنَاقشاتهم النظريةِ في أسباب اختلاف هذه الانتخابات عن أخواتها السابقة، وما زالوا يقومون بها، وليس هناك سبب لانتهاء هذه المناقَشة قريبا. غَيْرَ أنني أوَدُّ أن أُدْرِج هنا بعضَ المِيْزاتِ الفَرِيدة فقط من غير التأكيد على تلك النقاط النظرية، لأن تأثيرات هذه المِيزات ليست مُؤَقَّتَةً على الإطلاق، بل هي بَعِيدة المَنَالِ.

1.إن الزَّعِيمة والحزب التي بقِيَادَتِها كانت في التِّسْعِينات حَرَكةٌ مستَعِرَة منذ ما يَقْرُب من ثلاث سنوات لأجل إجراء انتخاباتٍ حُرَّة ونَزِيهة ومقبولة، وكان جَرَى في البلاد ترتيب الانتخابات الوَطَنِيّة تحت نظام الحكومة الانتقالية غيرِ الحزبِيَّة، تَجري انتخابات هذه السنةِ تحت قيادة تلك الزَّعِيمة وقيادةِ ذلك الحزب. وتَمَّ من خلال القَرَار الوحيد لذلك الحزب إلغاءُ نظامِ الحكومة الانتقالية غيرِ الحزبية. (وقد تَمَّ هذا الإلغاءُ بالرَّغْم من إبقاء المَحْكَمَةِ فرصةَ انعقاد انتخابَيْنِ قادِمَينِ على الأقل في ظِلِّ الحكومة الانتقالية غير الحزبية.)

2.يتمتع الوُزَراء وأعضاء البرلمان بتسهيلاتٍ كثيرة للحكومة لِانعقاد الانتخابات مع الحِفَاظ على استمرار البَرْلَمَان. ولم يُقَصَّر مجلس الوزراء وقت الانتخابات بالرغم من أنه كان وُعِدَ بتقصيره. وبالعكس من ذلك فإنّ أربعة وُزَرَاء فَنِّيِّيْنَ ممن ليسوا أعضاء البرلمانِ بَقُوْا في مَنَاصبهم أكثرَ من شهر بالرغم من استقالتهم بعد اعلان الجدول الزَّمَنِيّ للانتخابات.

3.في البلاد مُعَارِضانِ نَشَآ على استقطابٍ سياسيٍّ غيرِ متوقِّع : مُعَارِضٌ هو حِزْبٌ قادَ حربَ الاستقلال تَفَاوَضَ مع الجماعات الإسلامية الأكثرِ تَطَرُّفًا مع بقائه إلى الآن مُدَّعِيًا أنه عَلْمَانِيٌّ وتَقَدُّمِيٌّ؛ ورَشَّحَ بإعطاءِ رَمْزِ حِزْبِه أشخاصًا حارَبُوا خلال حربِ الاستقلال لصالح الجيش الباكستانيّ. (عَنَى الكاتب بهذا المُعَارِض حزبَ «رابطة العَوَامّ». -المترجِم) ومن ناحية أخرى فإن بعض الأحزاب التي لَعِبت دَوْرًا هامًّا في حرب الاستقلال وآمَنَتْ بمَبْدَأ العَلْمَانِيَّة (عَنَى بها الكاتب الأحزابَ التي ينتمي إليها الدُّكتور كمال حسين وأمثالُه. -المترجِم) شَكَّلَتْ مِن جديدٍ ائتلافا أكبرَ مع «حزب بنغلاديش الوطنيّ» الذي كان عَقْدَينِ تقريبًا حَلِيفَ حزبِ «الجماعة الإسلامية» المعارِض لحرب الاستقلال.

4.إن هذه الانتخاباتِ هي المُنَافَسَةُ غيرُ المتكافِئةِ في تاريخ انتخابات البلاد، على الرَّغْم من التأكيدات المتكرِّرة من الحكومة ولَـجْنَة الانتخابات حول إعطاء التسهيلات المُسَاوِية للانتخابات. وإنّ التحيُّز السياسيّ للإدارة وقُوَّاتِ الشُّرْطة الذي كان في هذه الانتخابات، لم يكن بهذه الشِّدَّةِ قبلَ هذا في أَيِّ وقتٍ مضى.

5.إنّ مُفَوَّضِيَّة الانتخاباتِ ثابتة على عَزْمِ إعطاء الشَّرْعِيَّة للحكومة والتحالف الحاكم مع قبول كلّ ظُلْمٍ لها ومخالفةِ جميع قواعد السلوك لها من دون أيّ ضَجَّة؛ واتخذَتْ سِيَاسَةَ عدمِ النشاط بالرَّغْم من بقاء فِيدِيُو الوَزِيرِ وأكثرِ من مُرَشَّحٍ للتهديد بمُغَادَرة المِنْطَقة ولإعلانِ مثلِ «لن يُسْمَح لأحد في مراكز الاقتراع بأن يصوِّت لغير رَمْزِ الزَّوْرق».

6.ضُرِب المثال الجديد لإعلانِ الأنواع المختلِفة للتسهيلات المالِيَّة للشرطة ورجالِ الإدارة ولترقِيَة مَنَاصبهم حتى بعد إعلان الجدول الزَّمَنِيّ للانتخابات.

7.الإعلان عن الحوافِز المالية لأصحاب الوظائف المختلِفة كالمعلِّمين وضُبَّاطِ الجيش والقُضَاة حتى بعد إعلان الجدول الزَّمَنِيّ للانتخابات.

8.نظام التحقُّق من الوَلاء للحزب من خلال تحقيق الشرطة في توظيف مسؤولي الانتخابات على المستَوَى المَيدانيّ.

9.إن التوجيهات في تحديد أهلية ممثِّلي عامّة الناس المُنْتَخَبِين للمُؤَسَّسات الحكومية المحلية مثلِ البَلَدِيّات وشِبْه المُدِيريّات ومجالس الاتِّحَادات لكونهم مُرَشَّحِين للانتخابات النِّيَابِيَّة، إنها لم تُقَدَّم على ضوء قَرَارَات المَحْكَمة العُلْيا، بل تُرِك هذا التحديد لرؤساءِ مراكز التصويت. ومن هنا تَمَّ إلغاءُ عددٍ قياسيٍّ من طَلَبات الترشيح، ووَجَبَ على المُفَوَّضِيَّة القيامُ بتسويةِ عددٍ كبير من الطُّعون.

10.فَقَد 23 (ثلاثةٌ وعشرون) مُرَشَّحًا لحزب المعارَضة ترشيحاتِهم كَمَا تَمَّ إلغاء ترشيحات بعض المرشَّحِين المستَقِلِّين (وهم المُرَشَّحون المتمرِّدون لرابطة العَوَامّ) أيضا نتيجةَ تدخُّلِ المَحْكَمةِ العُلْيا غيرِ المسبوقِ. وهذا الاستثناء جدير بالملاحظة بشَكْلٍ خاصّ بالرَّغْم من تَوَاجُد قَرَار المحكمة العليا بشأن مُحَاكَمَةِ أَيِّ نزاعٍ في المحكمة الانتخابية بعد وَضْع لَجْنة الانتخابات اللَّمَسَاتِ النِّهَائِيَّةَ فيما يتعلق بالترشيحات.

11.تَمَّ في هذه الانتخابات لأول مرةٍ ضَرْبُ مثالِ استئناف لجنة الانتخابات ضِدَّ استعادة الترشيحات بالمُحَاكَمَة في المحكمة العليا، ولا يَحدث مثلُ هذا عادةً. وبالعكس من ذلك فقد حَصَل مُرَشَّحُ الحزب الحاكم على تعويضاته المرموقة من المحكمة العليا بعد أن خَسِرَ الترشيحَ بسبب التخلف عن سَدَاد الدُّيُون، ولم تتَّخِذ الدولة واللجنة إجراءَاتٍ نَشِيطةً أو فَعَّالة في مثل هذه الحالة.

12.اعتقال المُرَشَّحِين الذين تَمَّ القبض عليهم بعد تقديم الترشيح بَلَغَ في هذه الانتخابات الحَدَّ الأقصَى وهو 17 (سبعةَ عشرَ) مُرَشَّحًا. وقبل تقديمهم أوراق الترشيح لم يكن أحد من الشرطة على عِلْم بالقَضِيّة، وإن أظهَرَتِ الشرطة بعد الاعتقال في مُعْظَم الاعتقالات أنها لأسباب قضية التخريب.

13.بعد الإعلان عن الجدول الزَّمَنِيّ وبعد بَدْء الحَمْلة الانتخابية تَمَّ سِجِلٌّ جديد لاعتقال زُعَمَاء حزب المعارَضة وعامِليه، ولا تزال هذه العَمَلِيّة مستَمِرَّة. ووَفْقًا لتقاريرِ وسائل الإعلام تَمَّ في غُضون هذا الوقت القبضُ على بضعةِ آلافِ نَسَمَةٍ.

14.عددُ ضَحَايا الحَمْلَةِ الانتخابية من المرشَّحين أيضا أعلى في انتخابات هذه المرة، ومن بين هؤلاء مُرَشَّحاتٌ أيضا. أُصِيب هؤلاء المرشَّحون والمُرَشَّحات بشَكْلٍ رئيسيّ مِن قِبَلِ أنصار الحزب الحاكم. حتى إن واحدا من المرشَّحين من «الحزب الوطنيّ» المتحالِف مع حزب «رابطة العَوَامّ» أُجْبِرَ على الذهاب إلى الحملة الانتخابية وهو يرتدي سُتْرَةً مُضَادَّة للرَّصَاص بسبب المَخَاطِر الأَمْنِيّة. كما جُرِح أُنَاس في هُجومات الشرطة مثل محبوب الدين خُوْكَنْ في «نُوَاخَالِي» ورُوْمَانَا محمود في «سِرَاجْ غاْنج». ولا تنجو من هذه الهجوماتِ عائلاتُ المرشَّحين أيضا.

15.قد جاوَزَ مَدَى العُنْفِ جميعَ السِّجِلّات الماضية وإن كان عَدَد القَتْلَى قليلا إلى الآن في العُنْف قبل الانتخابات. وقد وَقَعَت مُعْظَمُ أعمال العنف في الانتخابات الوطنية السابقة بعد نَشْر النتائج ويوم التصويت.

16.هذه هي المرة الأولى في الانتخابات الوطنية التي حَدَث فيها الاستثناءُ في سِيَاسة مَنْح الفُرَص المُتَسَاوِية لجميع الأطراف المُنَافِسة في أَجْهِزَة التِّلْفَاز والإذاعة الحكومية. وكما أن المُعَارِضة لم تَنَل للإعلام وسائلَ الإعلام المتوازِن، لم تُعْطَ كذلك أَيَّ فرصة لعَرْض بياناتها للأمة. وتَمَّ ترخيصُ غالبِيَّةِ القَنَوَات الإذاعِيّة والتِّلْفَاذِيّة الخاصّة على الاعتبار السِّيَاسيّ، فلم تكن فيها للمعارِضِين فرصةٌ تُذكَر.

17.هذه هي المرة الأولى التي تَجرِي فيها الانتخابات دون تنظيمِ تَجَمُّعٍ عامّ كبير. وكان يُعتَبَر حضور الجُمهور العامِّ أمثالَ هذه التجمُّعَات مُشِيرا إلى دَعْمهم للمُنَافِسين. وفي الواقع، منذ بدء الحملة الانتخابية رَسْمِيًّا هذه المرةَ لم يُسْمَح لأحزاب المُعَارِضة بتنظيمِ تجمُّعٍ كبير في داكا وخارجها. وعلى العكس من ذلك فإن الائتلاف الحاكم وإن لم يَعقد اجتماعًا مركزيّا، فقد عَقَد اجتماعاتٍ عامةً كبيرة في داكا وخارِجها.

18.سوف تكون الحَمْلَةُ الانتخابية غيرُ المسبوقةِ الأُحَادِيَّةُ علامَةً بارِزة في التاريخ السياسيِّ للبلاد، فقد استخدَمَ مُعْظَمُ المرشَّحِين للحزب الحاكم منذُ أكثرَ من عامٍ رَمْزَ «الزَّوْرَق» والمُلْصَقاتِ واللافِلَاتِ المُلَوَّنَةَ وحافَظُوا على الأَفْضَلِيَّة الاحتكارِيّة في الدِّعَاية الرَّسْمِيّة بعد بناء المَدَاخِل، وعلى النَّقِيض من ذلك فإن المُعَارِضين لم يستطيعوا أن يُلْصِقوا الإعلاناتِ والمُلْصَقات، كما لم يَقدروا على حِمَاية الكَمِّيَّة القليلة التي كانوا قد تَمَكَّنُوا من إلصاقها.

19.وُضِع في هذه الانتخابات مثالٌ جديد لإعطاءِ قريبٍ وَثِيق للمُفَوَّض الأكبر للانتخابات ترشيحَ الحزب الحاكم.

20.هذه هي المرة الأولى التي ينال فيها أقلُّ عددٍ من المُرَاقِبين المَحَلِّيِّين والأجانبِ فرصةَ مراقَبَةِ الانتخابات، فإن آخِر الانتخابات المُتَنَافِسة الذي فازت فيه «رابطةُ العَوَامّ» كان هناك في كلِّ مركزِ اقتراعٍ خمسة مُرَاقبين على الأقل، ولا تُوجَد في هذه المرة إمكانيّةُ تَوَاجُدِ مُرَاقِب في ثُثُلَي المراكزِ من مجموع مراكز الاقتراع، فقد نال 15000 (خمسةَ عشرَ ألفَ) مُرَاقِبٍ فقط تصريحَ المراقَبَةِ في 80 (ثمانِينَ) ألفَ مركزٍ للانتخابات.

وأخيرا لا آخِرًا فإنه لا يُعَدّ خَطَأً إن وَصَفَ أحدٌ القائمةَ بأنها غير كاملة.

تَمَّتْ بمشيئة الله تعالى ترجمة مقال الصُّحُفِيِّ البنغاليّ كمال أحمد المنشور في جَرِيدة «بُرُوْتَمْ أَلُوْ» (النور الأول) البنغالية. وبعد قراءة السطور السالفة لا داعِيَ لمُحِبِّي العدلِ والإنصاف إلى أن ييأَسُوا ويَقنَطُوا، فرَبُّنا سبحانه وتعالى نَهَى الظالمين أن يَظُنُّوْا في حِين من الدَّهْر أنهم فاتُوا ونَجَوْا، وأن الله لا يَقدر عليهم، فهم لا يُعجِزون اللهَ ولن يُفْلِتوا من عذابه إن لم يتوبوا توبةً نَصُوحا. راجِعِ مثلًا الآيةَ 59 (التاسعةَ والخمسينَ) من سورة الأنفال والآيَتَينِ 196 و197 (السادسةَ والتسعينَ والمائةَ والسابعةَ والتسعين والمائة) من سورة آل عمران. وسيَنفعنا أيضا أن نتذكر ههنا إخبارَ الله عَزَّ وجَلَّ في كتابه المُحْكَم : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْاَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، (سورة القَصَص، رقم الآية : 83) وقولَه تعالى : ﴿اَلَمْ يَعْلَمْ بِاَنَّ اللهَ يَرَىٰ﴾. (سورة العَلَقِ، رقم الآية : 14)

أصل المقال (للصُّحُفِيّ البنغاليّ) كمال أحمد

اترك تعليقاً