الإثنين 19 من رمضان 1439هـ – 4 يونيو 2018م
منكَرَات في البلد الأمين
أذكر ولكنْ لا على سبيل الاستغراب، فكَوْنُه هكذا هو طبيعيّ، وهو أن يُتوَاجد ويُتَرَاءى عدد هائل من الناس في البلد الأمين (مكة المكرمة) حتى من أهاليها متورِّطين في منكَرَاتٍ مَنْهِيٍّ عنها في الشريعة الإسلامية بغايةٍ من الزَّجْر والتهديد، مثلًا هم مُسْبِلُون ومُرْسِلُون قُمْصانهم وبَنْطَلُوناتهم إلى أسفلَ من الكعبين، ومحلِّقون لُحَاهُم، ومارُّون بين أيدي المصلين.
اختَرْتُ أمثلة من باب الأمور المتعلِّقة بالجوارح، ولم أقرَع باب العقائد والمعتَقَدات الذي هو أقدَم وأهَمّ.
ورُبَّما يقول قائل : هذا حال الوافِدين إلى البيت العتيق من كلِّ فَجٍّ عميق، وليس حالَ المقيمين في مكة إقامةً دائمة. ليس الأمر كما زعمتَ أيها الأخ المسكين! فالمذكور أعلاه([1]) ليس حالَ عامة أهالي مكة فقط، بل هو من سُوْء الحَظّ حال كثير من الذين يمثِّلون منهم الإسلام أيضا.
الأُسْوَةُ المتقون، لا أهلُ بلدٍ فلانٍ وفلانٍ
ففي هذا الوَضْع ما المَوْقِف الذي يجب على الناس جميعا أن يَقِفُوْا فيه ويختاروه؟ نَعَمْ، يجب عليهم أن يبحثوا عن الجواب في هَدْي الرسول الكريم ﷺ وسِيرته، مثلًا في قوله ﷺ : «إن أولى الناسِ بي المُتَّقُون مَنْ كانُوا حيث كانوا»،([2]) ومثلًا في قوله ﷺ : «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسَّكتم بهما كتابَ اللهِ وسنة نبيه»،([3]) فالأُسْوَةُ المتقون اللهَ في السِّرّ والعَلَن والمتمسِّكون بالكتاب والسنة، لا أهل بلدٍ فلانٍ وفلانٍ.
حُكْم المرور بين يدي المصلِّي داخلَ المسجد الحرام
هذا ويَسُرّني أن أذكر هنا حُكْم المرور بين يدي المصلِّي داخلَ المسجد الحرام نقلًا عن كتاب «تاريخُ مكةَ المكرمةِ قديمًا وحديثا» للشيخ الدُّكتور محمد إلياس عبد الغني. كَتَب الشيخ حفظه الله : لقد ألَّف الدُّكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين كُتَيِّبًا بهذا العنوان (حُكْمُ المرور بين يدي المصلِّي داخلَ المسجد الحرام)، واستعرَض فيه آراء العلماء وأدلتهم في الموضوع، وفيما يلي مُلَخَّص ما رجَّحه في هذا الكتاب :
1. يجوز المرور من وراء سترة المصلي.
2. يجوز المرور بين أيدي المأمومين.
3. يجوز المرور للطائفين أمام المصلين في حاشية المطاف.
4. يجوز المرور بين يَدَي المصلي من وراء موضِع سجوده، أيْ : بمسافة نحو مِتْرٍ ورُبْعٍ حالَ وقوفِه.
5. يجوز المرور بين يدي المصلي إذا صلى في طُرُق المسجد ومداخله، لأنه لا حرمة له حينئذ لتفريطه بالصلاة في هذه الأماكن.
6. لا يجوز المرور بين يدي الإمام والمنفرد داخِلَ موضع سُجوده إلا لحاجة مُلِحَّة، وذلك لعدم ثبوت دليل قويّ يدل على استثناء المسجد الحرام من عموم المنع الوارد في الحديث : «لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه».([4])
انتهى نقلا عن كتاب «تاريخ مكة المكرمة قديما وحديثا».([5])
[1]. أعلاه : أعلى هذا السطرِ.
[2]. أخرَجه الإمام أحمد في مُسْنَده.
[3]. أخرَجه الإمام مالك في مُوَطَّئه.
[4]. صحيح البخاريّ برقم 501
[5]. ص 90-91