الإثنين 4 من شوال 1439هـ – 18 يونيو 2018م
دار العلوم ديوبند : سَلَفُها وخَلَفُها
وَجَّهَ إليَّ -كمتخرِّجٍ من دار العلوم ديوبند- أحدُ العلماءِ بالمدينة المنوَّرة سؤالا وأنا في مسجد الرسول ﷺ وقال : إن الذين تَوَلَّوْا تأسيس دار العلوم ديوبند وبناءَها كان رؤساؤهم مجاهدين مسلَّحين خاضُوا معرَكة القتال ضد الإنكليز النصارَى، ولما غُلِبوا في المعرَكة وانهزَمُوا فيها رجعوا منها متحرِّفين للقتال ووضعوا الحَجَر الأساسيّ لدار العلوم ديوبند.
قال : مَضَى على تأسيس الدار قَرْن ونصفُ قرنٍ تقريبًا، ولكنْ لم يُسمَع في هذا الوقت الطويل من مِئْذَنة الدار ولو لِمَرَّاتٍ بل لمَرَّةٍ واحدة أذانٌ للقتال ونداء له، وبالعكس من ذلك سُمِع من بعض المتعلقين بالدار مثلِ الشيخ محمود المدنيّ التَّبَرُّؤُ ممن يؤذِّنون للقتال في سبيل الله ويمارِسُونه، فهل بالرَّغْم من هذا كلّه تَفتَؤُون تقولون : أنتم على طريقة أكابر الدار المؤسِّسين وشِرْعَة أسلافِها البُنَاة؟ الوَفَاءَ الوفاءَ، وإياكم والخيانة!
هذا وفي عبارة القائل : «رجعوا منها متحرِّفين للقتال» إشارةٌ إلى قول الله تعالى في سورة الأنفال([1]) : ﴿يٰۤاَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوا اِذَا لَقِيتُمُ الَّذِيْنَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْاَدْبَارَ. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ اِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ اَوْ مُتَحَيِّزًا اِلٰى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
[1]. رقم الآية : 15-16