أصحاب الرسولﷺ : مكانتهم وعدالتهم

أصحاب الرسولﷺ:مكانتهم وعدالتهم

بقلم / فضيلة الشيخ العلامة ساجد الرحمن محمد علي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

فممّا يسرني أنني أكتب عن جيل فريد لم ولن تعاين البشرية مثله، قاموا للإسلام أحسن قيام وأفضله حتى أقر بفضله وعظيم عطائه، وبذله كل ذي فطرة نقية مستقيمة، وبصيرة نافذة قويمة، ولم يشذ عن ذلك النهج إلا من أصمه الله، وأعمى بصره من المنحرفين الضالين، إنهم جيل صحابة النبي الذين هم خير القرون ؓ.

إن هذا الدين المتين خاصة سنن الرسول المبنية لمجملات كتابه المفسرة له والهادية إلى الصراط المستقيم، إنما وصلت إلينا برجال صادقين عادلين تحملوها عنه ثم أدوها إلى من بعدهم بمنتهى الأمانة والدقة، إنهم صحابته هم خير القرون كما قال :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته". (متفق علي) لقد ثبتت عدالتهم والثناء عليهم في كتاب الله في آيات كثيرة نذكر بعضها:

قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ...﴾ (سورة التوبة- 100) ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ (سورة الفتح-29) :﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ...﴾ (سورة الفتح-18)قال الإمام مالك -رحمه الله- :"بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ؓ الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله .

وقد بيّن الله تعالى في كتابه أنه قد رضي عن الصحابة، فهذا يدلّ بدلالة واضحة على تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، حيثقال: ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدا، فلا محالة أنه من أهل الجنة، كما قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ (سورة الحديد-10)والحسنى الجنة قاله مجاهد وقتادة. واستدل العلماء بهذه الآية بالقطع بأن الصحابة جميعا من أهل الجنة، لقوله تعالى: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾

وعن ابن عباس ؓ في قوله تعالى:﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾(سورة النمل-59) قال إنهم أصحاب محمد ... وقال سفيان في قوله عز وجل :﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ﴾ (سورة الرعد-28) قال هم أصحاب محمد وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ﴾ (سورة البقرة- 121) هم أصحاب محمد آمنو بكتاب الله وعملوا بما فيه.

من الأحاديث الواردة في فضل الصحابة.

1. عن أبي هريرةؓ قال: قال رسول الله : "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه أي نصفه". (متفق عليه)

2. عن أبي هريرة ؓقال: قال رسول الله : " النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهب النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لآصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون".

3. ما مر من قول الرسول "خير الناس قرني...".

4. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: سمعت النبي يقول: "لا تمس النار مسلما رآني أو رآى من رآني".

5. قال النبي لعمر ؓ "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".

6. عن عمر بن الخطاب ؓ أن رسول الله قال: "أكرموا أصحابي فإنهم خياركم". ( رواه أحمد والنسائي)

7. قوله عليه الصلاة والسلام" احفظوني في أصحابي". (رواه ابن ماجه وأحمد)

8. عن واثلة ؓ عن النبي قال: "لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآى من رآني وصاحبني". رواه ابن أبي شيبة)

9. عن أنس بن مالك ؓعن رسول الله قال: "آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار". (رواه البخاري)

10. قال في الأنصار: "لا أحبّهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق". (رواه البخاري)

فتلك عشرة كاملة من الأحاديث في فضائل الصحابة ؓ، وهناك أحاديث أخرى ظاهرة الدلائل على فضلهم تركناها خوفا للإطناب.

من أقوال الصحابة والتابعين في هذا الباب

1. فعن عبد الله بن مسعود ؓ أنه قال: من كان مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم

2. قال عبد الله بن عمر ؓما: لا تسبوا أصحاب محمد ، فلمقام أحدكم ساعة خير من عمل أحدكم عمره".

3. وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله وسأله: أ معاوية أفضل أم عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "لتراب في منخري معاوية مع رسول الله خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز رحمه الله".

4. قال الإمام أحمد: إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه بسوء، فاتهمه على الإسلام. وقال رحمه الله: لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيب، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع".

5. قال بشر بن الحارث رحمه الله : "من شتم أصحاب رسول الله فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين".

6. قال أبو زرعة رحـ : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله ".

7. قال السرخسي -رحمه الله-: "فمن طعن فيهم أي في الصحابة -رضي الله عنهم- فهو ملحد منابذ للإسلام، دواؤه السيف إن لم يتب".

8. وقال الإمام محمد صبيح بن السماك -رحمه الله- لمن انتقص الصحابة رضي الله عنهم علمت أن اليهود لا يسبون أصحاب موسىؑوأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسىؑفما بالك يا جاهل سببت أصحاب محمد ... إلى أن قال: أيها العائب لأصحاب محمد لو نمت ليلك وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك وصوم نهارك مع سوءقولك فيهم فويحك لا قيام ليل ولا صوم نهار وأنت تتناول الأخيار؟!!!

9. قال ابن الصلاح -رحمه الله-: "إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع".

10. قال الإمام الطحاوي -رحمه الله-: "ونحن نحب أصحاب رسول الله ولا نفطر في حب أحدهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".

وفي الختام علينا أن نقول كما قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ...﴾ اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين، واحشرنا معهم في زمرة سيد المرسلين، وصلى الله تعالى وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اترك تعليقاً