أستانا صارت نور سلطان.. كزاخستان تغير اسم عاصمتها

كزاخستان تغير اسم عاصمتها

صادق برلمان كازاخستان رسمياً على تغيير اسم العاصمة أستانة إلى "نور سلطان" تخليدا لاسم "رئيس البلاد الأول" و"أب الأمة" الديكتاتور نور سلطان نزارباييف، الذي حكمها طوال الأعوام الـ30 الماضية منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تغيير اسم العاصمة الكازاخية، وكذلك موقعها، خلال أقل من 60 عاماً. وكان نزارباييف قد اقترح تغيير اسم كازاخستان، في العام 2014، قائلاً إن مقطع "ستان" ينفر السائحين ويُبعد المستثمرين، مقترحاً اسم "كازاك الي" أي أمة الكزخ.

وألقت شرطة كزاخستان القبض على نحو 20 شخصا اليوم الخميس احتجوا على تغيير اسم عاصمة البلاد إلى نور سلطان، بعدما قرر الرئيس الجديد قاسم جومارت توكاييف إطلاق اسم الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف عليها.

والاحتجاجات نادرة في البلد الغني بالنفط الذي جذب اهتماما عالميا بعد استقالة نزارباييف المفاجئة هذا الأسبوع، رغم أنه أبقى على وظائف مهمة تؤمن له دورا مهما في سياسة البلاد.

وسيكمل توكاييف، رئيس مجلس الشيوخ سابقا، باقي الفترة الرئاسية لنزارباييف التي تنتهي في أبريل/نيسان عام 2020. وقال أمس الأربعاء إنه يجب تغيير اسم العاصمة إلى نور سلطان.

وصوت البرلمان على الفور بالموافقة على الاقتراح، لكن الإجراء غير نهائي بعد، وعبر بعض السكان عن احتجاجهم على تغيير اسم عاصمتهم للمرة الرابعة خلال أقل من 60 عاما.

وقال البعض إنه يعكس نوعا من التملق، وجمعت عريضة على الإنترنت ضد القرار أكثر من 30 ألف توقيع.

وقال مراسل لرويترز إن نحو عشرين شخصا تجمعوا اليوم الخميس في ميدان أمام مكتب رئيس بلدية المدينة للتعبير عن معارضتهم.

واندلعت مشاجرة بينهم وبين مؤيد للقرار وتدخلت شرطة مكافحة الشغب وألقت القبض على معظم المحتجين.

وحكم نزارباييف البلاد لنحو ثلاثين عاما، وكان يملك سلطات واسعة. وتولت ابنته داريجا رئاسة مجلس الشيوخ مما يشير إلى أنها قد تصبح رئيسة للبلاد مستقبلا.

وأستانا المدينة التي تضم 800 ألف نسمة وذات المباني العصرية الشاهقة، نمت على سهول كزاخستان بإرادة نور سلطان نزارباييف لتصبح عاصمة للبلاد في 1997 بدلا من ألماتي الواقعة على بعد ألف كيلومتر جنوبها.

واسم أستانا يعني حرفيا عاصمة، وراجت منذ فترة طويلة إشاعات بشأن إعادة تسميتها تيمنا بالرئيس الذي طورها.

نزارباييف زعيماً للأمة

استقال نور سلطان نزاربايف، من مهامه كرئيس لكازاخستان، ليصبح أبا وزعيماً للأمة، تدعمه قيادة "مجلس أمن" البلاد ورئاسة الحزب الحاكم. أي أن لدى نزاربايف كل أدوات القوة، الرسمية وغير الرسمية للاستمرار في الحكم.

وأشارت الصحافة الروسية إلى أن نزاربايف أسس كازاخستان المستقلة، "خلاف رغبته"، فقد كان أحد أولئك الذين عارضوا انهيار الاتحاد السوفياتي، بعدما كان سكرتير الحزب الشيوعي في كازاخستان لحظة انهيار المنظومة الشرقية.

نزارباييف قال في خطاب استقالته: "بصفتي مؤسسا لدولة كازاخستان المستقلة، أرى مهمتي المستقبلية في ضمان وصول جيل جديد من القادة الذين سيواصلون التحولات الجارية في البلاد".

فالصراع الشديد على السلطة بين العشائر المختلفة داخل المجتمع الكازاخستاني؛ واحتمال انضمام كازاخستان أو جزء منها إلى روسيا، هي أهم الأزمات التي تواجه كازاخستان الحديثة. لكن روسيا، مطمئنة طالما ظل نزارباييف على قيد الحياة.

نزارباييف قال في كلمة تلفزيونية مسجلة، إن قرار الاستقالة: "لم يكن سهلا". ونزارباييف، البالغ من العمر 78 عاماً، لم يواجه أي تحديات حقيقية لحكمه منذ توليه رئاسة كازاخستان.

وإبان فترة حكمه، ركز نزارباييف على الاصلاحات الاقتصادية بينما قاوم محاولات إدخال إصلاحات ديموقراطية على النظام السياسي في كازاخستان.

وكان نزارباييف الذي ولد في عام 1940 وتولى رئاسة كزاخستان حين كانت لا تزال جمهورية سوفياتية عام 1989 باعتباره السكرتير الأول للحزب الشيوعي، واستمر يحكمها بعد استقلالها في 1991.

وأعيد انتخابه أربع مرات بغالبية ساحقة في انتخابات لم يعترف بها المراقبون الدوليون كانتخابات حرة وعادلة. ومارس سلطة تامة لنحو ثلاثة عقود.

ورغم استقالته فإن نزارباييف بقي يحظى بسلطات واسعة من خلال بقائه في منصب رئيس الحزب الحاكم ومجلس الأمن وهو هيئة دستورية بموجب قانون تم التصويت عليه في 2018، إضافة إلى لقبه "أب الأمة" الذي يضمن له الحصانة القضائية.

نزارباييف، بحسب "الجزيرة"، كان أعاد صياغة نفسه من قيادي شيوعي إلى رئيس مسلم معتدل، يمارس الشعائر الدينية وفي مقدمتها الحج. وانضمت بلاده إلى منظمة "التعاون الإسلامي"، واستضافت اجتماع وزراء خارجية المنظمة عام 2011. وانتهج سياسة خارجية دقيقة تقربه من الولايات المتحدة، ولا تبعده عن روسيا، التي صدّر لها النفط والغاز بأسعار تفضيلية، كما انضم إلى "الحرب الأميركية على الإرهاب".

اهتم الرجل بسياسة التكامل مع موسكو، عن طريق تأسيس الاتحاد الجمركي الذي تطور لاحقا إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بين روسيا وبيلاروسيا وكزاخستان وأرمينيا وقرغيزستان.

وسيبقى نزاربايف ممسكا بسلطات واسعة بفضل قانون أقر في مايو/آيار 2018 يمنح وضعا دستوريا للمجلس الأمني الذي كانت توصياته حتى الآن استشارية فقط، ويتيح القانون لنزارباييف ترؤس هذا المجلس حتى وفاته، وسيبقى أيضا رئيسا للحزب الحاكم. وسيضمن له لقب "أب الأمة أو زعيم الأمة" الحصانة القضائية ودورا نافذا في حال خلو مركز الرئاسة.

وسيظل نزارباييف محتفظاً بمقعد دائم في "مجلس الدفاع الأعلى" وبمنصب رئيس "الجمعية الوطنية" التي تجمع مختلف الأعراق والإثنيات في البلاد حسب الدستور الذي تم إقراره في استفتاء عام 2007.

المصدر : وكالات

اترك تعليقاً