السودان..استجابة واسعة للعصيان المدني

شلّ العصيان المدني الحياة في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث أغلقت المصارف أبوابها، وبدت الأسواق والشوارع شبه خالية، فيما توقفت الملاحة الجوية في مطار الخرطوم الدولي.

وجاء الدخول في العصيان المدني تلبية لدعوة من قوى الحرية والتغيير التي ترفض بقاء المجلس العسكري في السلطة.

وأوردت مصادر من منظمي العصيان أن قطاعات واسعة من السودانيين استجابت للدعوة، إذ لوحظ غياب في شوارع الخرطوم للمركبات العامة والخاصة، وخلت الطرقات من المارة.

ودخل موظفون في بنك السودان المركزي العصيان؛ مما أدى إلى توقف العمل في القطاع المصرفي، حيث أغلقت معظم البنوك أبوابها أمام العملاء.

وتوقفت حركة البيع والشراء في أسواق الخرطوم، في حين لوحظ انتشار قوات الدعم السريع في شوارع الخرطوم، وسط غياب تام لقوات الجيش والشرطة.

وكشف رصد لموقع "فلايت رادار" عن توقف حركة الملاحة في مطار الخرطوم الدولي. وبحسب آخر الصور من الموقع فإن طائرات تعود لشركات غير سودانية تعبر أجواء السودان.

في غضون ذلك، أكدت مصادر في قوى الحرية والتغيير للجزيرة تواصل حملة الاعتقالات في صفوف قادة الحَراك الشعبي. كما ذكرت المصادر ذاتها للجزيرة أن قوات عسكرية اقتادت خمسة طيارين وأجبرتهم على الإقلاع بطائرات مدنية، لنقل عسكريين، رغم إعلانهم الإضراب العام.

وقال تجمع المهنيين السودانيين إن عددا كبيرا من ناشطيه تعرضوا للإخفاء القسري، مشيراً إلى أن حملة الاعتقالات شملت العاملين في المصارف وشركات الكهرباء والمطار والطيران المدني، وقطاعات حيوية أخرى.

وكانت قوى الحرية والتغيير أعلنت اليوم الأحد الدخول في عصيان مدني لحين سقوط المجلس العسكري الانتقالي، وتسليم السلطة لحكومة مدنية.

وأعلنت العديد من النقابات المهنية دعمها للعصيان المدني، ودعا ‏تجمع أساتذة الجامعات الطلاب وأعضاءَ الهيئات التعليمية في الكليات لرفض قرارات المؤسسات التعليمية التي أعلنت استئناف الدراسة.

كما جددت لجنة صيادلة السودان المركزية التزامها بالعصيان المعلن، وقالت اللجنة إن العصيان يشمل القطاعات العامة والخاصة، باستثناء أقسام الطوارئ وفروع صيدليات الصندوق القومي للإمدادات الطبية في العاصمة.

معنى العصيان
وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان له إن العصيان المدني الذي يسعى لتنفيذه ابتداء من اليوم يهدف لشل الحياة العامة تماما، حتى يفقد النظام سيطرته التي يحاول فرضها من "من خلال مجرمي مليشيات جهاز الأمن والجنجويد".

وأضاف البيان أن العصيان يعني ألا أحد سيدفع أي نقود "لخزينة النظام المتجبر"، ولا أحد سيستجيب أو ينصاع "لأوامر النظام الفاسد المجرم"، وفقا للبيان.

وأشار البيان إلى أنه يشمل أيضا البقاء في المنازل والامتناع عن العمل أو التعامل بأي شكل من الأشكال مع النظام القائم.

ترتيبات وتحضيرات
وقبيل ساعات من بدء سريان العصيان المدني، قالت مصادر في تجمع قوى إعلان الحرية والتغيير إن الترتيبات اكتملت -لبدء العصيان الشامل- عبر لقاءات مباشرة مع القواعد وعن طريق الرسائل النصية، لحشد مشاركة المعلمين والطلاب في العصيان باعتباره إحدى الوسائل السلمية للضغط على العسكر من أجل تسليم السلطة وإقامة نظام حكم مدني ديمقراطي.

وأكد عوض شيخ أحمد -من لجنة معلمي شرق النيل- أن شباب الأحياء (لجان المقاومة) ينفذون توجيهات قوى الحرية والتغيير في إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية، ويهيئون السكان للبقاء داخل الدور أطول فترة ممكنة خلال فترة العصيان.

ووفقا لمراسل الجزيرة نت في الخرطوم، فإن سكان العاصمة انشغلوا خلال ساعات ما قبل بدء العصيان المدني في شراء المواد الغذائية من المتاجر، كما تراصت السيارات أمام محطات الوقود، مما ينبئ بأن أزمة المحروقات بدأت تطل برأسها.

ونقل عن الناشط السياسي عماد الدين بابكر قوله إن إفراط المجلس العسكري الانتقالي في استخدام العنف ضد المدنيين هيج مظاهر المقاومة ضده داخل الأحياء، مما سينعكس لاحقا لصالح نداء العصيان.

فالمجلس -من وجهة نظره- جلب لنفسه ومن حيث لا يدري متاعب كثيرة عندما أدخل الخدمة المدنية في إجازة طويلة لعيد الفطر، مما شكل ما يشبه التمرين للسكان على الاعتصام داخل البيوت.

كما أن قطع خدمة الإنترنت جعل المواطنين يتسمرون أمام شاشات التلفزيون لمشاهدة مقاطع مؤثرة تصور فظائع الجنجويد في قتل وإهانة المواطنين العزل.

إجراءات من العسكر
واستباقا للعصيان، لجأ المجلس العسكري إلى تفعيل دور النقابات بعد أن حلها في بداية عهده بالسلطة، لكنه أعادها إلى العمل تحسبا لتلويح قوى التغيير باستخدام سلاح الإضراب والعصيان.

ويرى بشرى الطيب المهندس الزراعي والقيادي في قوى التغيير أن هذه الخطوة من جانب المجلس لن تمكنه من إدارة مؤسسات الدولة بواسطة منسوبي النظام القديم.

ويؤكد الطيب أن مداومة من يسميهم "أصحاب الامتيازات" على العمل لن تكسر العصيان، لأن لجان التنسيق داخل القطاعات المهنية تتحسب لذلك وتعتبر أولئك النفر جزءا من الثورة المضادة.

وما يشجع قوى التغيير على المضي قدما في طريق التصعيد حتى بلوغ العصيان الشامل، أن سلطات المجلس تواصل حملة اعتقالاتها للناشطين رغم إعلانها قبول وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي، مما يؤكد -على حد تعبيره- على ضعف خيال المجلس العسكري في إدارة المفاوضات.

وفي سياق التصعيد واستعدادا لما يتوقع من شلل للحياة في العاصمة، ألقى المجلس العسكري القبض على النقيب عادل المفتي رئيس شعبة النقل الجوي، وهي شعبة شاركت بفعالية في الإضراب الأخير.

المصدر : الجزيرة + وكالات

اترك تعليقاً