شهدت مصر أمس الجمعة يوما استثنائيا حيث نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، مطالبين برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطوة أعادت إلى الأذهان بدايات الحراك الشعبي في ثورة 25 يناير 2011.
وتمكن المحتجون من الوصول إلى عدد من أبرز ميادين مصر، خصوصا ميدان التحرير رمز ثورة يناير الذي ظل مغلقا أمام المظاهرات والتجمعات الشعبية في السنوات الماضية.
ونقل ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وقنوات معارضة للنظام تبث من الخارج، مقاطع فيديو قصيرة تظهر تواجد أعداد من المصريين في ميدان التحرير، وعدة ميادين وسط هتافات ضد السيسي.
ونقلت المصادر ذاتها، مقاطع أخرى من "ميدان طلعت حرب" الشهير وسط القاهرة، وكذلك من إحدى ميادين مدينة المحلة العمالية الشهيرة شمالي البلاد، والشرقية (دلتا النيل/ شمال)، والإسكندرية (شمال)، والسويس (شمال شرق).
وقالت المصادر ذاتها، إن هناك توقيفات طالت بعض المتظاهرين خلال التظاهرات التي تحدث لأول مرة منذ سنوات وتهتف ضد السيسي، لاسيما بميدان التحرير الذي تعود شهرته لثورة يناير/ كانون الثاني 2011، والذي ساهم في إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاما من حكمه.
ووفق شاهد عيان، فقد شهد ميدان التحرير والطرق المؤدية إليه في وقت متأخر من مساء الجمعة، كر وفر بين محتجين والأمن المصري، الذي أطلق قنابل للغاز مسيلة للدموع لتفريقهم، قبل أن تهدأ الأوضاع.
وأوضح الشاهد، أن التحرير والشوارع المؤدية لها يشهد حاليا في الساعة الأولى من صباح السبت، تواجدا أمنيا كبيرا يقوم بعضه بحملة تفتيشات بخلاف التوقيفات التي تمت خلال الكر والفرّ.
وحتى الساعة 22:00 (ت.غ)، بات هاشتاغ (وسم) #ميدان_التحرير، الأول تداولا على تويتر في مصر والثالث عالميا بعد وقت من حديث المعارضة عن انطلاق تظاهرات وسط القاهرة.
وتحت الهاشتاغ كتب مغردون عبارات مناهضة للرئيس المصري.
فيما قالت وسائل إعلام محلية، قبل ساعات من انطلاق تلك التظاهرات، إن سلطات الأمن ألقت القبض على ضياء سعد الكتاتني، نجل رئيس مجلس الشعب المصري السابق المحبوس حاليا، من أحد شوارع مدينة 6 أكتوبر غربي العاصمة بتهمة التجهيز لتظاهرات.
ولم يتسن التأكد من صحة ما ذكرته المصادر المعارضة من مصدر مستقل، ولا الحصول على تعقيب فوري من السلطات المصرية.
غير أن حسابات مؤيدة للرئيس المصري السيسي، عبر منصات التواصل قالت إن تلك الفيديوهات مفبركة والتظاهرات سابقة منذ سنوات ولا تظاهرات حالية.
قبل أن يعود البعض الآخر ويؤكد وجود التظاهرات للاحتفال بفوز نادي الأهلي بكأس السوبر المحلي، وليس للتظاهر ضد الرئيس، وأن أصوات هتافات معارضة تم تركيبه بديلا عن صوت الاحتفال.
وقالت صحيفة "اليوم السابع" المحلية المؤيدة للنظام، إن الهدوء خيّم على ميدان التحرير، متهمةً القنوات بـ"فبركة الفيديوهات".
بينما أقر عمرو أديب، الإعلامي المقرب من النظام عبر برنامجه "الحكاية" على قناة "ام بي سي" المصرية، بخروج تظاهرة محدودة للغاية هتفت ضد الرئيس.
وقال إنه "بعد المباراة (السوبر المصري) نزلت مجموعة ناس في التحرير مكونة من 30 -40 هتفوا هتافين، وصورا فيديو لمدة دقيقتين وطبعا قُبض على أغلبهم، والداخلية ستصدر بيانا".
وعلق أديب، قائلا: "كما قلت نزلوا لدقائق في (ميدان) التحرير، وحاليا يركبون أصوات (معارضة) على تجمعات في أماكن أخرى، ليقال إنها هناك تظاهرات"، مؤكدا أن "المعارضة تتنفس كذبا".
وبثت فضائية اكسترا نيوز الخاصة المؤيدة للنظام في وقت متأخر من مساء الجمعة لقطات تبرز الهدوء بميدان التحرير.
وتراوح تعاطي وسائل إعلام النظام المصري مع المظاهرات، بين التجاهل التام والتناول الحذر.
وظلت قناة "دي أم سي" المملوكة للمخابرات تذيع أغاني حماسية للمطرب الإماراتي حسين الجسمي أثناء اندلاع المظاهرات في ميدان التحرير وسط القاهرة والمناطق المحيطة به.
ويبدو أن القائمين على أمر وسائل الإعلام -وكثير منهم منتمون لعصر نظام مبارك- قد تعلموا درس ثورة 25 يناير 2011 ولم يعودوا لتصوير النيل بدلا من ميادين التظاهر، فانتظروا حتى جرى فض الميدان بالقوة ثم صوروه.
والأمر نفسه قامت به قناة "سي بي سي" التي ظلت تتجاهل المظاهرات حتى منتصف الليل وطرد المتظاهرين، وفي الأثناء قامت ببث فيديوهات لمطربين وفنانين يؤكدون ولاءهم للرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويؤكد مراقبون أن مظاهرات أمس وإن لم تصل بعد في زخمها وقوتها إلى ثورة شعبية، إلا أنها كسرت حاجز الخوف وجدار الصمت الذي بناه نظام السيسي خلال السنوات الماضية ومنع المصريين من الخروج إلى الشارع وحتى من التعبير العلني عن مواقف مناهضة للنظام.
وغادر السيسي، البلاد، في وقت سابق مساء الجمعة، متوجهًا إلى نيويورك لحضور اجتماعات للأمم المتحدة، قبيل دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي للخروج في احتجاجات.
المصدر : وكالات.