الجهاد يشل إسرائيل… نتنياهو يدعى الانتصار

تكتيك المقاومة يشل "إسرائيل"

"حياة نصف البلاد معطلة، لا مدارس، أو عمل في المصانع، والطرقات شبه خالية، وحركة الجهاد الإسلامي تتحكم في موعد دخولنا لبيوتنا وخروجنا منها"، هذه هي الكلمات الأكثر تداولاً بين صفوف المحللين السياسيين الإسرائيليين، عقب قرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، اغتيال القيادي البارز في "سرايا القدس" الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، في قطاع غزة.

وطرح هؤلاء، وفق ما رصده "الخليج أونلاين"، تساؤلاً على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو؛ ماذا لو دخلت كتائب القسام في المعركة؟ وكيف ستتعامل الجبهة الداخلية مع حجم الصواريخ المؤثرة التي يمتلكها هذا الفصيل؟

وفي الميدان لا يوجد أي رد من كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، ولكن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية تؤكد أنها تدير المواجهة العسكرية بالتوافق والتنسيق على أعلى المستويات.

ويبدو أن القسام برفقة المقاومة الفلسطينية تدير المعركة الحالية وفق تكتيك عسكري يهدف إلى منع الاحتلال من الاستمرار بالتغول ضد الشارع الفلسطيني، وزيادة قتل المدنيين، وضرب المباني السكنية.

وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا من جراء التصعيد الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة، منذ الثلاثاء (12 نوفمبر)، إلى 32 شخصاً، في حين أصيب 71 آخرون بجراح، ووصلت صواريخ المقاومة إلى غربي القدس المحتلة.

حرب قاسية

الخبير في الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، يرى أن جولة التصعيد الحالية تمكنت خلالها حركة الجهاد الإسلامي وحدها من شل الحركة في نصف الأراضي المحتلة؛ بدءاً من حدود قطاع غزة حتى أكثر من 80 كيلومتراً داخل "إسرائيل"، وهذا يعود إلى قوة هذا التنظيم.

وحول إمكانية دخول كتائب القسام بشكل علني في المعركة الحالية، يتوقع جعارة في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن تدخل المنطقة في حرب أليمة وقاسية وطويلة؛ لكون القسام يمتلك قوة صاروخية قادرة على التأثير، وهو ما لا تمتلكه سرايا القدس.

ويحاول الاحتلال الإسرائيلي، وفق جعارة، إحداث شرخ كبيرة بين حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، خلال هذه المعركة؛ عبر ترويج أن الأخيرة لا تريد الدخول بحرب، وهو ما تنفيه الوقائع على الأرض، وخاصة بيان غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية.

"والشارع الإسرائيلي رغم عملية اغتيال أبو العطا فإنه غير راضٍ عن نتنياهو؛ بسبب عدم تحقيقه للردع، وخاصة أنه هذه المرة يقاتل تنظيماً واحداً وهو حركة الجهاد الإسلامي وليس حماس"، والحديث لجعارة.

ويصف الكثير من الإسرائيليين، وخاصة المحللين منهم، الجولة الحالية بأنها "جلبت العار لدولة إسرائيل"؛ لكون حركة واحدة لا تمتلك القوة الكبيرة تتحكم في نصف الحياة بالأراضي المحتلة.

ومنذ بدء العدوان قررت الجبهة الداخلية في الأراضي المحتلة إغلاق مئات المدارس والمعاهد التعليمية، ووقف عمل الآلاف من المصانع، في وسط وجنوبي "إسرائيل"، ومن ضمن ذلك مدينة تل أبيب.

تكتيك عسكري

مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي، عماد عواد، يرى أن المقاومة الفلسطينية تدير المعركة الحالية كيدٍ واحدة، رغم أن الظاهر بأن حركة الجهاد الإسلامي هي التي تواجه الاحتلال منذ اغتيال القيادي فيها أبو العطا.

وتريد المقاومة في غزة، من عدم تصدير أكثر من فصيل وخاصة كتائب القسام في المواجهة، زيادة حجة المأساة في الشارع الإسرائيلي؛ بأن تنظيماً واحداً يواجه دولة بحجم "إسرائيل"، وأوقف الحياة في أجزاء كبيرة فيها.

ويصف عواد إدارة فصائل المقاومة للمعركة بأنه تكتيك محكم هدفه عدم إعطاء الفرصة لقادة الاحتلال، وخاصة العسكريين، بزيادة التوغل في الشارع، واستهداف الأبراج العسكرية، وقصف أماكن حيوية.

ويردف بالقول: "الجبهة الداخلية الإسرائيلية رخوة، فبمجرد وقوع صواريخ المقاومة تصاب الحياة بالشلل، وهذا يؤكد أن المعادلة لا تقاس بحجم الخسائر ولكن بحجم التأثير بين الطرفين".

وضع مرعب

المعلق في القناة الـ12 العبرية، عميت سيغل، تساءل حول كيفية وصول دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "هذا الوضع المرعب" بعد اغتيال القيادي بسرايا القدس أبو العطا، فجر الثلاثاء.

وكتب "سيغل"، يوم الأربعاء: "كيف وصلنا إلى هذا الوضع المرعب، كيف شلت نصف دولة بأكملها؟"؛ ما أدى إلى تعطيل التعليم وشل الاقتصاد وإعلان حالة الطوارئ.

وأضاف: "كيف وصلنا إلى هذا الواقع، فقد اضطربت الدولة بأكملها، فتضطر إسرائيل لخوض حرب حقيقية بسبب اغتيال شخص واحد".

ورأى سيغل أن أزمة الكيان الإسرائيلي، التي وصفها بـ"الخانقة" مع قطاع غزة، يتحمل المسؤولية عنها 6 رؤساء وزراء وعدد كبير من وزراء الجيش الذين لم يحلوا مشكلة غزة بشكل استراتيجي.

وتابع: "ها نحن ندفع الثمن الباهظ، فمليون تلميذ لم يتوجهوا لمدارسهم، و500 ألف عامل هجروا أعمالهم بسبب صواريخ غزة".

المؤرخ والمحلل الإسرائيلي غال بيرغر، قال في مقال نقله موقع عكا الإسرائيلي للدراسات، الثلاثاء (12 نوفمبر)، حول المعركة الحالية: "خطيئة إسرائيل هذه المرة أنها حددت هدفاً واحداً في المواجهة الدائرة وهو الجهاد الإسلامي، وهي نقطة استثمرتها حماس لتفعل ما تريد من خلف هذا الستار".

وأضاف بيرغر: "الآن الجميع يقوم بضربنا باسم الجهاد الإسلامي، إنهم يتفقون علينا ونتنياهو هو السبب".

رد الجهاد

بدوره تحدى الناطق باسم سرايا القدس، أبو حمزة، رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وفريقه الأمني أن يمتلكوا "الجرأة للسماح للرقابة العسكرية بالكشف عن أسماء وصور القواعد العسكرية والاستراتيجية التي وصلت إليها نيران الوحدات الصاروخية".

وقال أبو حمزة خلال تغريدة له على حسابه عبر "تويتر": إن "العدو يفرض رقابة شديدة جداً على الواقع حتى لا يؤدي ذلك إلى خروج المستوطنين في مسيرات ضد نتنياهو ووزير حربه".

وعاد الناطق باسم سرايا القدس لتحدي الرقابة العسكرية الإسرائيلية بـ"الكشف عن الصور والفيديوهات التي تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمصانع والمقرات ومنازل المستوطنين في (غلاف غزة)، والمدن المحتلة التي أصيبت بإصابات دقيقة".

وكشف أن السرايا استهدفت قلب "إسرائيل" بالصواريخ، لافتاً إلى أنه في حال الكشف عنها رسمياً فإن نتنياهو سيتحول إلى "أضحوكة ومهزلة في الشارع الإسرائيلي".

اترك تعليقاً