تبرع أعضاء جماعة الدعوة التبليغ في الهند بالدم لأغراض العلاج بالبلازما بعد أن تسبب فعالية نظموها في حدوث عشرات الإصابات بفيروس كورونا في شتى أرجاء البلاد.
واكتُشفت صلة بين إصابة أكثر من ألف حالة بفيروس كورونا وبين تلك الفعالية التي نظمتها "جماعة التبليغ"، وتسببت في إثارة حالة غضب شديدة، فضلا عن تقارير تتحدث عن حوادث تتعلق بظاهرة كراهية الإسلام في شتى أرجاء البلاد.
ويشمل العلاج بالبلازما نقل دم غني بالأجسام المضادة إلى مرضى مصابين بفيروس كورونا.
وفي أعقاب ظهور إصابات بفيروس كورونا في الهند ذات صلة مباشرة بالفعالية التي نظمتها الجماعة، اشتعلت حدة الغضب تجاه الجماعة والمسلمين بشكل عام.
وقالت الشرطة إن "جماعة التبليغ" تجاهلت إشعارين لوقف تنظيم الفعالية، التي حضرها مئات الأشخاص، حتى بعد أن فرضت الهند الإغلاق لمنع تفشي الفيروس
كما رُفعت دعاوى قضائية تتهم زعيم الجماعة مولانا محمد سعد الكاندهلوي بالقتل غير العمد.
كما أُبلغ عن مضايقات للمسلمين في أنحاء كثيرة داخل البلاد.
وسرعان ما برزت الاتهامات الأولى على لسان الوزير المختص بالأقليات مختار عباس نقفي، الذي وصف اجتماع جماعة التبليغ بأنه "عمل إجرامي لا يغتفر"، وبعده ببضعة أيام، قالت وزارة الصحة إن ثلث حالات كوفيد-19 في الهند مرتبطة بتجمع نظام الدين.
وقال الوزير "نعلم الآن أن الإداريين انتهكوا القواعد، وسيتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد مسؤولي هذه المؤسسة. نتيجة لهذا الإهمال الجسيم، تعرض العديد من الأرواح للخطر".
وبعد هذه الأحداث أصبحت جماعة التبليغ على الصفحات الأولى للصحف الهندية وعلى التلفزيون، ومثار تعليقات يومية من السلطات، وبدأ حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بنشر مئات الرسائل والشائعات على شبكات التواصل الاجتماعية تحت وسم (هاشتاغ) "كوروناجهاد"، لربط المسلمين بنقل الفيروس.
ومع الحملة المغرضة، انتشر ببطء سم الكراهية المعادية للمسلمين في شبه القارة الهندية -حسب الكاتبة- وتعرض أناس في جميع أنحاء البلاد للهجوم، ونُهبت ممتلكاتهم، إن لم يتعرضوا للضرب المبرح، حتى إن رجلا عائدا من التجمع قتل نفسه بعد ما لقي من مضايقات ومقاطعة من أهل قريته، رغم أنه دخل الحجر وأثبت الفحص خلوّه من الفيروس.
في هذا الجو بدأت الشائعات والأخبار الكاذبة، وانتشر فيروس الريبة بسرعة في قلب العاصمة الهندية -كما تقول الكاتبة- بعد أن أعلنت الشرطة يوم 9 أبريل/نيسان الحالي أن ثلاثة أفراد من عائلة ثرية قد أصيبوا بالفيروس، وقد فتح تحقيق الأولي بتهمة "الإهمال والأفعال الخبيثة" ضد حارس بيتهم المسلم بتهمة نقل العدوى إليهم.
واهتمت الصحافة الهندية، بما فيها تلك الجادة، بالقضية التي مات فيها مسنان من العائلة، وقالت إن الحارس أخفى عن أصحاب المنزل حضوره اجتماع جماعة التبليغ، وقد أمسك المحققون بالحارس في منزله ووضعوه في الحجر الصحي، إلا أنه تبين أنه غير مصاب بالفيروس، وربما لا علاقة له بإصابة مؤجريه الذين يفترض أن أحدهم التقط الفيروس في الخارج.
وفي وقت مؤخر دعا رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في تغريدة إلى الوحدة وقال إن الفيروس لا يعرف دينا.
عندما يصاب شخص بفيروس كورونا (كوفيد-19)، يستجيب جهازه المناعي من خلال تكوين أجسام مضادة تهاجم الفيروس.
وبمرور الوقت تتراكم هذه الأجسام في البلازما، الجزء السائل من الدم.
وعلى الرغم من ذلك فإن العلاج لا يزال في مرحلة تجريبية في العديد من الدول بما في ذلك الهند، التي تختبره في عدد قليل من الولايات قبل الموافقة عليه للاستخدام على نطاق أوسع.
وقالت مستشفيات إن التجربة تحمل نتائج "مشجعة"، حيث تعافى بعض المرضى المصابين بإصابات حادة بعد تلقي العلاج بالبلازما.
لكن العلماء يحذرون من أنها لن تكون "الحل السحري".
وقال توصيف خان، طبيب يعمل في قسم الأمراض المعدية في أحد المستشفيات الحكومية في مدينة لاكناو شمالي البلاد: "في الوقت الراهن، نعطي العلاج بالبلازما فقط لمرضى الإصابات الحادة والخطيرة بفيروس كورونا، الذين لا يستطيعون تكوين أجسام مضادة ضد الفيروس في أجسامهم لأن لديهم حالات مرضية كامنة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم".
وكان فاروق باسا، من ولاية تاميل نادو الجنوبية، من بين أول 10 متطوعين من الجماعة الذين تبرعوا بالبلازما يوم الأحد، اليوم الأول لحملة التبرع.
وقال لبي بي سي: "شوهت وسائل الإعلام صورتنا بعد أن ثبت إصابة بعضنا بالفيروس، لكن بفضل الله سيساعد ذلك في تحسين صورتنا".
وأضاف أنس سيد، الذي تبرع بالدم يوم الأحد: "مررنا بأسابيع صعبة عندما كان يتعقبنا الجميع ويحملونا مسؤولية انتشار الفيروس، وعندما وجه مولانا النداء بمنح الدم قررنا التطوع".
وقال شعيب علي، الذي كان في طليعة حملة التطوع بالدم، إنه يعتقد أنه من بين 300 إلى 400 من أعضاء الجماعة المتعافين سيتبرعون بالبلازما خلال الأيام القليلة القادمة في دلهي وحدها.
وأضاف أن التبرعات التي يمنحها أفراد الجماعة تأتي من منطلق واجبهم كمواطنين فقط، ورفض الادعاء القائل بأنها ممارسة خارج السيطرة.
وقال: "يتقدم هؤلاء الناس للتبرع لأنهم يخافون الله وتعلموا روح التضحية".
وفي هذه الأثناء أثيرت مخاوف من أن الهندوس سيرفضون البلازما التي تبرع بها أعضاء جماعة التبليغ، مما دفع رئيس وزراء دلهي، أرافيند كيجريوال، إلى التأكيد على أنه "عندما خلق الله الأرض، خلق الإنسان، وجعل لكل إنسان عينين، وجسدا واحدا، ودمه أحمر، ولديه بلازما".
وليس معروفا حتى الآن إذا تم بالفعل علاج بعض الأشخاص بالبلازما، أو كم عددهم منذ أن بدأت حملة التبرع.