الوقت أثمن شيء في حياة الإنسان ،الوقت هو جزء لا يتجزأ من الحياة ، الوقت هو حياتك و دنياك ، هو حاضرك و مستقبلك .فإدارة الوقت هي إدارة الحياة كلها ، و تنظيمه تنظيم الحياة كلها ، و إهداره إهدار الحياة كلها.
الوقت هو الحياة ، فقتل الوقت قتل الحياة ، إن الذين يصرفون أوقاتهم الطويلة في لعب و لهو و لغو لا يعملون لغاية يرضاها العقل .و كذلك الذين يقضون وقتهم في الأندية و يتجولون هنا و هناك بدون فائدة لا يطلبون شيئا إلا قتل الوقت ، كأن الوقت عدو من أعدائهم.
الوقت نعمة و أمانة من الله عز وجل و نحن عنه غافلون ، حيث قال النبيﷺ: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ»( رواه البخاري : 6049) يعني: كثير من الناس تضيع صحته بغير فائدة، وفراغه في غير فائدة. و إنما ينبغي للمؤمن أن يستغلهما فيما يرضي ربه ، و ذلك انصرافهما في الأفعال الخيرية نحو كسب المال الحلال بقيام التجارة و غيرها ،و الإكثار من طاعات الله و الدعوة إلى الخير و النهي عن المنكر و ما إلى ذلك. و من جانبه من لم يستعملهما فيما يرضي ربه و فيما ينفعه فقد خسر و خاب ، و أفلح و نجح من استغلهما في أمور الدين الذي هو الأهم و دنياه بطريقة مشروعية.
و كان من قول الإمام ابن الجوزي رحمه الله المتوفي عام 597 هجريا : "و ها أنا أحفظ أنفاسي من أن يضيع منها نفَس في غير فائدة ، و إن بلغ همي مراده ، و إلا فنية المؤمن أبلغ من علمه ( صيد الخاطر للإمام نفسه) " حيث كان إماما في ثمانية فنون معا . هل في استطاعة الناس أن يكونوا إماما في ثمانية فنون أو أكثر في الحياة ؟ و هناك سؤال ، كيف أصبح الإمام ابن الجوزي رحمه الله إماما في ثمانية فنون ؟ و كيف استغل وقته في شؤون الدين ؟ حتى أمكنه ذلك. و حل هذه الأسئلة فهمنا مما ذكرته آنفا.
و من المؤسف أن الكثير من الناس يبذلون أوقاتهم الغالية في عمل لا يعنيهم هنا و هناك ، و ليعلموا جيدا أن الاستعداد للآخرة هو صميم حياة العقلاء ،و أن الاستغلال بشؤون الدنيا هو هامش حياتهم.
و من ضياع الوقت :استخدام سوء الجوال الذي يؤدي مستخدميه إلى هلاك الحياة الدراسية حسبما أفاده العلماء المعاصرون. و يُراى كثير من الطلبة يضيعون أوقاتهم الغالية جريا وراء الشبكة العالمية أى الإنترنت، فحصل ما حصل.
أسباب ضياع الوقت:
1- عدم وضوح الغاية:إن عدم وضوح الغاية، أو عدم وجودها، أو عدم التفكير فيها، أو عدم الانشغال بها والسعي لأجلِها - هو أعظم سبب لضياع الأوقات.
2-مرافقة الزملاء غير الجادين الذي يضيعون الأوقات سُدى، ولا يستفيدون مِن عمرهم وشبابهم.
3- الفراغ، وعدم معرفة ما ينبغي أن يشغل به وقته.
4- كثرة المُلهيات والمُغريات، فإذا انشغل بها المؤمن، ضاعَ وقتُه، وخَسِرَ عُمره.
5- قلة الأعوان - من الأهل والأصحاب - على استغلال الوقت.
6- عدم تعيين جدول الأعمال : مثلا من هذا الوقت إلى ذلك :وقت المطالعة و الدراسة و حفظ الواجبات المدرسية، و من هذا إلى ذاك : وقت موعد النوم و تناول الطعام ، و هذا : وقت الرياضة البدنية ، و كذا زيارة الأقارب وما إلى ذلك.
7-عدم الاطلاع على تخطيط العلماء المعتبرين في استغلال كل لحظة من أوقاتهم ، و عدم قراءة تراجم أعلام الكبار.
8- عدم تنظيم الوقت و القيام بإهداره.
9- عدم معرفة أهمية إدارة الوقت في الإسلام يتسبب بين حين لآخر في ضياعه.
اغتنام اللحظات قبل الفوات:
اعلم أخي أن الدنيا ثلاثة أيام، يقول عنها الحسن البصري: إما أمس فقد ذهب بما فيه، وإما غدا فعلك لا تدركه، فاليوم لك فاعمل فيه.
يقول سعيد بن جبير رحمه الله: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة لأداء الفرائض والصلوات وما يرزقه الله من ذكره.
كان بشْر بن الحارث الحافي كثيرا ما يقول: "أمس قد مات، واليوم في النزْع، وغد لم يولد؛ فبادر بالأعمال الصالحة"، وكان يقول أيضا: "الليل والنهار حَثيثان يَعملان فيك؛ فاعمل فيهما".
والوقتُ أنفَسُ ما عُنِيت بحفظِه وأراه أسهَل ما عليكَ يضيعُ»يحيى بن هبيرة أستاذ الإمام ابن الجوزي.
و جاء في الأثر: «يا بني آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني، لأني لا أعود إلى يوم القيامة».
اللهم بارك في أوقات حياتنا لنستغلها بشؤون الدين و نستخدم حياتنا في الأعمال الصالحة.