شهدت البوسنة والهرسك، الأحد، اختتام فعاليات النسخة الـ 510 من مهرجان "أيواز دادا" الثقافية الذي يعد المهرجان من أطول مهرجانات البلاد، حيث يستمر لأيام، ويحيي فيه البوسنيون ذكرى دخولهم الإسلام عبر شخص يُدعى "أيواز دادا"، حسب الروايات التاريخية.
واختتم المهرجان فعالياته عبر أداء المشاركين صلاة الظهر جماعة في مكان مفتوح قرب منطقة "بروساج" البوسنية.
وفي هذا الإطار، وصل قبل أيام 244 فارسا من منطقة "بروساج" حيث يقام المهرجان، قادمين من مختلف المدن البوسنية.
وفي كلمة له خلال المهرجان، قال أحمد عادل أوفيتش، مفتي مدينة "ترافنيك" البوسنية ورئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، إن احترام المجتمعات لماضيها وتاريخها، ضرورة لمستقبل جيد.
بدوره، أشاد رئيس الاتحاد الإسلامي في البوسنة والهرسك، حسين قاواز أوفيتش، بتاريخ وماضي الشعب البوسني.
وحسب الروايات التاريخية، فإن "أيواز دادا" المنحدرة أصوله من منطقة الأناضول التركية، وصل إلى "بروساج" البوسنية قبل 510 أعوام، في وقت كانت تعاني فيه المنطقة من القحط والجفاف.
وعقب دعائه وعبادته في المنطقة لـ 40 يوما، عثر "أيواز دادا" على نهر ينحدر من أحد الجبال، واستطاع بذلك تخليص السكان من القحط والجفاف، الأمر الذي اعتبروه معجزة، واعتنقوا على إثره دين الإسلام، لكن لسجلات المؤرخين رأي آخر.
الأسطورة والتاريخ
اعتنق عدد كبير من البوسنيين الإسلام بعد الفتح العثماني للمنطقة في النصف الثاني من القرن الـ15، لكن إسلام البوشناق كان تدريجياً واستغرق ما يصل لقرنين من الزمان حتى أصبح دين الأغلبية.
وكان للمسيحية جذور ضحلة نسبياً في البوسنة قبل الهيمنة العثمانية، وافتقد البوشناق (بخلاف شعوب الصرب والكروات) لكنيسة مسيحية قوية لقلة الكهنة والتنافس بين الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والبوسنية المنشقة التي انهارت قبل وقت قصير من وصول العثمانيين.
وفي تأريخه لهذا التحول الكبير، اعتبر المؤرخ والمستشرق البريطاني الشهير توماس أرنولد (1864-1930) أن أتباع الكنيسة البوسنية كانوا أكثر تقبلاً لاعتناق الإسلام نظراً لأنهم كانوا ينظر إليهم باعتبارهم مبتدعين من قبل الكنيسة الكاثوليكية، وكان تدينهم مختلف عن المذاهب المسيحية الشائعة، فقد رفضوا تقديس مريم العذراء ورفضوا الصليب كرمز ديني واعتبروا أن الانحناء أمام الأيقونات والرموز الدينية يحمل طابعاً وثنياً.
ورغم أن بعض المؤرخين الأوربيين يوافقون السير أرنولد في نظريته حول التحول الديني في البوسنة، لكن آخرين يرونها تبسيطاً مفرطاً، خاصة أن البوسنيين من جميع الطوائف المسيحية اعتنقوا الإسلام، بما في ذلك أتباع الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية المختلفة وليس فقط الكنيسة البوسنية التي لم ينتم إليها كثير من السكان السابقين كذلك.
ويقول مؤرخون إن بداية العصر العثماني في البوسنة وألبانيا ارتبط بتحولات دينية مختلفة، بما فيها تحول العديد من الكاثوليك للأرثوذكسية والعكس.
تحول بطيء
واستمر التحول التدريجي للإسلام بمعدلات مختلفة بين المجموعات المختلفة في المنطقة، وكان في المناطق الحضرية، التي كانت بمثابة مراكز للتعلم والإدارة العثمانية، أكثر من الريف، كما كان التحول الديني أكثر شيوعاً بين طبقة التجار، وبحلول القرن الـ 17، كانت غالبية سكان البوسنة مسلمين.
وظلت البوسنة والهرسك مقاطعة في الإمبراطورية العثمانية وحصلت على الحكم الذاتي بعد انتفاضة البوسنة في عام 1831، وبعد مؤتمر برلين عام 1878 لرسم حدود أراضي دول البلقان في أعقاب الحرب الروسية التركية بين عامي 1877 و1878، أصبحت البوسنة والهرسك تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية التي أقرت دستورا يسمح بحرية الدين.
وبعد طرد السكان المسلمين من العديد من مناطق البلقان في فترة الاضطرابات نهاية القرن الـ١٩، ظلت البوسنة، إلى جانب ألبانيا وكوسوفو، هي الأجزاء الوحيدة من الإمبراطورية العثمانية في البلقان حيث تحولت أعداد كبيرة من الناس إلى الإسلام، وظلوا هناك بعد الاستقلال عن العثمانيين.
المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول